Табиицыйят ви Ильм Калам
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
Жанры
اهتمام المتكلمين بالعلم الفطري أو الضروري يعني أن مبدأ العلم مساوق لوجود الإنسان ومطابق لفطرته، ورأوا مادته في المسلمات العقلية والبداهات وأوائل العقول وشهادات الوجدان وتواتر الأخبار ومجرى العادات ... كلها تستلزم إنسانا حيا ذا حس وتجربة وحدس وعقل وتواتر.
العقل ليس هو العقل الصوري فقط، بل هو الجامع للحس والوجدان والفكر والعادة والخيال،
34
وكلها مطلوبة في نظرية المنهج التجريبي المعاصرة، من أجل قدح زناد العقل العلمي ليطرح فرضا جريئا خصيبا ... فالعلم مشروط بحياة العقل، والوجدان أحد مظاهره. الأصول الأولية أو العلم الفطري، مقدمة لا تنفي، بل تثبت ضرورة الانطلاق منها إلى العلم الكسبي بالنظر والاستدلالات والمشاهدة والتجربة والعادة.
في كل هذا نستوعب تراث الأقدمين ونتجاوزه، حيث كان العلم في زمانهم مزدهرا نسبيا، لكن بوصفه دائرة من الدوائر التي ترسمت حول الوحي. وتعيين أوليات الإبستمولوجيا الطبيعية في نظرية المعرفة - صدر المقدمات - يمكن أن يجعل العلم الطبيعي في عصرنا محورا وليس مجرد دائرة.
على العموم أصبحت نظرية العلم في آخر صورها نظرية في المنطق. وهذا ما ظهر بوضوح في الفلسفة التي أصبح المنطق فيها بديلا عن نظرية العلم وسابقا على الطبيعيات والإلهيات، فهو آلة العلوم كلها تكريسا لبقاء الطبيعيات في نظرية الوجود، وهذا ما حاولنا قطعه فيما سبق.
لقد بدأت نظرية العلم بذلك في الاختفاء من المؤلفات المتأخرة وعصر الشروح، وأصبح الواجب الشرعي بديلا عن الواجب النظري، فاختفى النظر وبقيت الشعائر. وبدلا من إحكام النظر انشغلوا بعد العقائد، هل يؤمن المؤمن بخمسين أم بعشرين عقيدة!
35
لقد تقلص الفكر الموضوعي وتبخرت الطبيعيات، حتى كان الاغتراب التام عن الطبيعة، والانتقام منها بنفيها أو هدمها.
لعل الإمام الشيعي المعصوم أو الزعيم ... المعلم، أمير الجماعة ... كلها بدائل لنظرية العلم أكدت اختفاءها، الذي تفاقم في بعض الحركات السلفية التي برزت أخيرا، لتبلور خطورة تراجع نظرية العلم، وخطورة تجمد حركية التجديد وتقوقع الموروث على ذاته، حتى يستطاع إلباس الدين ثوب الإرهاب وترويع الآمنين! ولله في خلقه شئون!
Неизвестная страница