Табиицыйят ви Ильм Калам
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
Жанры
27
بهذا يحمي العلم نفسه من الصورية الخالصة التي تتناقض مع المضمون الإخباري للعلوم الطبيعية، أو من التجريبية الفجة التي راح زمانها ومن الوجدانية والانفعالية التي يستحيل أن تضطلع بالعلم الطبيعي؛ فيكون العلم بفضل ما أسماه الأقدمون مطابقة، كيانا صوريا وماديا، عقلانيا وتجريبيا.
العلم هو كل اعتقاد جازم مطابق لسبب، فيتميز عن الشك والظن؛ لأنهما ليسا جازمين، وعن الجهل؛ لأنه غير مطابق، وعن التقليد؛ لأنه اعتقاد جازم مطابق، لكن لغير سبب.
28
وإن قيل إن العلم الطبيعي لم يعد اعتقادا جازما، بل معرفة مفتوحة للتطوير والتعديل والتقدم؛ فإن هذا لم يغب بشكل ما عن بال القدماء الذين لم يروا العلم معارف بقدر ما هو بناء نظري. وقد عرف بعضهم العلم بأنه حصول الشيء في العقل. وإذا كان هذا التعريف صوريا، يقوم على عالم المعقولات ويغفل دور التجربة الأساسي في العلوم الطبيعية، فإن المطابقة مع الواقع جعلت العلم الضروري عند القدماء هو القائم على الحس والمشاهدة، وتعني أصلا حاسة البصر، ثم امتدت حتى شملت الحواس الخمس، ولم يكن اليقين الحسي يقل عن اليقين العقلي
29
خصوصا في المنطق الحسي الطبيعي عند الأصوليين.
ثم يظهر النظر - أولى الواجبات - القائم على الدليل الصحيح باعتباره شرط العلم، وفي وجوب النظر كطريق للعلم نجد الزاوية الركينة لانطلاقة الطبيعيات الإبستمولوجية كحق وواجب على المسلم المعاصر، فأولا: «النظر واجب إجماعا»،
30
النظر حسن في ذاته، وعدم النظر قبح في ذاته؛ لأن العلم حسن والجهل قبيح، والنظر يصبح أكثر وجوبا بعد انتهاء آخر مرحلة من مراحل الوحي، باعتبار الإسلام خاتمة الرسالات السماوية، وتتفاوت درجة وجوب النظر بين الإجمال والتفصيل طبقا للحاجة وللاستعدادات.
Неизвестная страница