Табиицыйят ви Ильм Калам
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
Жанры
(1) من الحدوث إلى الفيض والقدم
عادة ما يؤرخ لبدء الفلسفة الإسلامية بالكندي (185-252ه/801-865م) الذي خرجت على يديه من إطار علم الكلام، إنه أول مفكر إسلامي يطرح مشكلة المعرفة طرحا أوسع من الطرح الكلامي لها، وأول من أجرى تصنيفا في الفلسفة الإسلامية، حين قسم المعرفة أو الحكمة التقسيم الأرسطي نفسه للعلوم النظرية؛ أي إلى حسية موضوعها العالم المحسوس أو الطبيعيات، ثم عقلية موضوعها العلم الرياضي أو الكليات، ثم إلهية موضوعها الربوبية أو الله أو الشريعة. ظل هذا التقسيم الثلاثي - بشكل أو بآخر - دستورا دائما للفلسفة الإسلامية القديمة، اعتمده جميعهم، وكان الكندي بهذا الدستور يفتح أمام العقل آفاق المعرفة الفلسفية بمعناها الشامل، وآفاق المعرفة الطبيعية النظرية والتجريبية، فقد كانت الفلسفة/الحكمة عنده «علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان.»
1
في نظرته للطبيعيات جرى مجرى المعتزلة في نفي تأثير الله المباشر في المادة، وهذا ما سلم به الفلاسفة أجمعون، وقالوا: «إن الله تعالى لا يباشر الأفعال بذاته، بل عن طريق العلل.»
2
آمن الكندي بالعلية، وعلم الفلاسفة أن يؤمنوا بها، ربما بحكم ممارسته التجريبية للطب، ولئن سلم تسليما بأن العالم حادث ومتناه واجتهد في إثبات تناهيه؛
3
لأن الله هو اللامتناهي الأوحد، فإن الكندي تحدث عن وجود سرمدي - فقط بالقوة - للمادة والحركة والزمان، لقد شق الطريق إلى معرفة العالم لذاته.
على أن الكندي وقع في إسار عقيدة التنجيم التي هيمنت بصورة مزعجة على حكمة الإسلاميين، وبما لا يقارن بتناثر رذاذها في علم الكلام،
4
Неизвестная страница