Табиицыйят ви Ильм Калам
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
Жанры
هكذا تتبدى لنا أهمية التجديد الفلسفي لعلم الكلام من حيث هو أيديولوجيا. •••
إن علم الكلام يملك المساهمة الكبرى في التمثيل العام للأيديولوجيا الإسلامية، على أساس أن الأيديولوجيا هي الوجود الواعي للأمة، من حيث هي مجموعة الأفكار المبدئية العامة لكل جماعة معينة بشأن أصولها وأهدافها ومعاييرها وقيمها ومصالحها الحضارية.
26
هكذا أتانا علم الكلام القديم حاملا الإطار العام لأيديولوجية المجتمع آنذاك، بشتى توجهاتها وفرقها، لا سيما المعتزلة والأشاعرة، وسيادة الأخيرة، وينتظر من علم الكلام الجديد الذي نرومه متجها نحو المستقبل، أن يصلح إطارا وموجها أمثل للحضارة الإسلامية الحديثة على مشارف القرن الحادي والعشرين، وأن يكون قادرا على التلاؤم مع روح العصر المثقل بإشكالياته الجمة الخاصة به، قصوراته القديمة ومحنه الطارئة وتحدياته المستجدة، والنازع إلى النهوض رغم التأزم والعقبات، نريده علم كلام قادرا على مواجهة الواقع الراهن ومتطلباته وتحدياته الضروس. بكلمة واحدة، لا بد وأن يكون أيديولوجيا لحضارة متأزمة وناهضة معا، تحاول الوقوف على أسباب الأزمة؛ للخروج منها إلى آليات النهوض.
لقد تعثرت محاولات التحديث، أو أنها على الأقل وبعد ما يقرب من قرنين من الزمان لم تؤت أكلها المنشود، لا سيما إذا قورنت بتجارب تحديث أخرى، كنا الأسبق منها زمانيا من قبيل التجربة اليابانية، وسوف تستمر محاولاتنا التحديثية في تعثرها طالما تصطدم بالتراث كمخزون نفسي للجماهير، ولا تستوعبها أيديولوجيا واضحة المعالم تجسد نزوع الأمة، ويجد فيها الواقع تعبيرا عن ذاته. من هنا كان التوجه العام للبحث عن أيديولوجيا إسلامية مقابل أيديولوجيات التحديث المعاصر التي تتشكل بخطوط غربية. فكما لوحظ مرارا وتكرارا: «لقد عول الفكر العربي على العديد من الأيديولوجيات، فانتهى إلى المزيد من التفكك والتبعية، فلماذا لا يكون الإسلام قرآنا وسنة وتاريخا هو أيديولوجيا الوحدة والتحرير؟»
27
إن الإسلام هو البديل المطلوب؛ لأنه يرتبط بالجماهير، ويوفر لها الغذاء المعنوي في وقوفها ضد الهيمنة الأمريكية التي تستهدف السيطرة الاقتصادية والسياسية التامة على البلاد العربية.
28
أما أصحاب النزعة التحديثية المتطرفة، السائرون في اتجاه العدمية التراثية، بتعبير طيب تيزيني، المؤتمون بإسماعيل مظهر وشبلي شميل وسلامة موسى ... والتالين لهم، أولئك الذين لا يرون في الإسلام أصلا وفروعا، جملة وتفصيلا، شكلا ومضمونا، إلا معاملا لكل تخلف ورجعية، فعليهم الالتفات إلى تحدينا الأكبر إزاء الصهيونية، وهو إن لم يعد تحديا عسكريا فسيظل دائما تحديا حضاريا، والصهيونية فكر ديني متشدد؛ باسم الدين في إسرائيل يكون الوطن والوطنية والقومية والهوية والجنسية والحرب والسلام والمفاوضات والمعاهدات والحقوق والاستثناءات والامتيازات والتنازلات والتشددات والنكوصات، وأيضا المجازر والمذابح والاعتقالات ... إلخ،
29
Неизвестная страница