وبلغنا ان نفرا منهم اجتمعوا على غدر الامام فأداروا الامر بينهم ، فقال قائلهم كيف لنا بالوصول إلى قتله ؟ فلم يتجه لهم ذلك . ثم ان رجلا اشار عليهم بأن يحضروا تابوتا فيجعلوه فيه ، ويمضوا بالتابوت إلى الامام كأنهم مختصمون فيه ، وكان الاتفاق قد تعذر ، ليفضي الأمر إلى وضعه على يد الأمين ، ثم لا يرضون الا ان يكون في امانة الامام ، فعمدوا إلى تابوت وادخلوا فيه الرجل المشير ، ومعه سيفه وكان غلق التابوت من داخله ، قأقبلوا بالتابوت إلى الامام رحمه الله ، ففعلوا ما عزموا عليه من الملاحاة . حتى اظهروا ان كادوا يقتتلون ، فقال قائلهم للامام ، يا أمير المؤمنين أفصل بين هؤلاء القوم ، وانزع التابوت من ايديهم جميعا حتى يصطلحوا أو يصح لمن يصح منهم ، فقالوا باجمعهم : قد اصاب فيما اشار به عليك يا امير المؤمنين ، فقال : دونكم وما أشار به . فقال المختصمون : لسنا نثق بامانة أحد الا أن يكون امير المؤمنين ، فتوخى رحمه الله مرضاتهم وساعدهم ، فقال : احملوا تابوتكم إلى حيث آمركم ان تضعوه ، فلما حملوه تبين للامام ان الذي حملوه ثقيل وقال متمثلا ( يا بؤسا للغدر فما اسجاه !! ) ثم ان الامام تأمل التابوت فوجده مغلقا من داخله ، فازداد ريبة وغلب على ظنه انهم ارادوا الغدر . وكانوا قد رغبوا في ان لا يوضع التابوت الا في بيت ينام الامام فيه ، فلما وضعوه خرجوا مستبشرين فرحين ، وظنوا ان قد ظفروا بحاجتهم فخيبهم الله ، ورد عليهم مكرهم وجعل كيدهم في تضليل .
Страница 55