بعلمه، ثم نظر في قلوبِ النّاسِ بَعْدَهُ فاختار اللهُ لَهُ أصحابًا فجعلهم أنصار دِينِهِه ووزراء نبيه ﷺ" (^١).
وقال ابن مسعود أيضا: "من كان مُسْتَنًّا فليستَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ الحي لا تُؤْمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد ﷺ، كانوا أفضل هذه الأمة: أبرها قلوبا وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتَّبِعُوهم على أثرهم، وتمسكوا بما استطعتم مِنْ أخلاقهم وسيرهم، فإنّهم كانوا على الهدى المستقيم" (^٢).
فهذه النصوص من الكتاب، والسنة، وأقوال علماء الصحابة ﵃، توضح سمات ذلك الجيل الفريد، الذي تربى في أحضان النبوة، وعلى تعاليم الوحي، فكان جيلا فاضلا، وأمة فريدة، هي بحق خير أمة أخرجت للناس.
إنه جيل النصر وثلة الخير، وأئمة الدعوة، وجيل القدوة، والأسوة، والمُثل السامقة والمشرقة في تاريخ الإنسانية الطويل، فلقد احتل الصحابة رضوان الله عليهم بعد الأنبياء ﵈، الصدارة، والقيادة، في موكب البشرية جمعاء، ولهذا جعلهم المولى ﷾ المثل الأعلى الذي تطمح البشرية إلى الوصول إلى مستواه، ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ (^٣) وقال: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ الآية (^٤) والصحابة هم أول من يدخل في هذا الوصف والخطاب، ولا يعرف عظمة جيل الصحابة إلا من قرأ سيرتهم وتابع حركتهم في نشر الإسلام والعمل به.
_________
(^١) أبو نعيم، حلية الأولياء: ١/ ٣٧٥.
(^٢) جامع الأصول: ١/ ٢٩٢.
(^٣) سورة البقرة، آية (١٤٣).
(^٤) سورة آل عمران، آية (١١٠).
1 / 9