وقد يستطرد في بعض الأحيان، إلى ذكر معلومات هامة في التأريخ بعيدة عن موضوع الترجمة التي هو بصددها ولا صله لها به، ثم يعود إلى ما كان فيه بقوله ولنرجع إلى ما كنا فيه. كذلك قد يعرض للمؤلف ذكر بعض العلماء من غير اليمنين - ممن تلقى عنهم صاحب الترجمة التي يؤرخ لها، أورد ذكرهم
استطرادًا - فيترجم لهم، وبذلك حفل كتابه بتراجم هامة لأعيان فقهاء الشافعية فيما بين القرنين الرابع والسادس.
ومن الواضح أن المؤلف كان حريصًا على تحقيق وفيات من ترجم لهم، إلا أنه في الفترة التي عاصرها، ترك كثيرًا من تأريخ الوفيات (على بياض)، ولعل ذلك كان. لأن بعضهم كانوا لا يزالون على قيد الحياة، والبعض الآخر لم يصل إلى علمه تعيين تواريخ وفياتهم. وكانت بعض التراجم - وخصوصًا الأخيرة في الكتاب - موجزة ومختصرة، وهذا يدل على أن معلوماته عنهم لم تكن كافية، ومع ذلك فقد حرص على ألا يخلو كتابه من ذكرهم رغم ضآلة أخبارهم.
وقد كان لهذا الكتاب عند المؤرخين قيمة كبيرة، لما استقوه من معلومات هامة، لم تكن تعرف عندهم، لو لم يجمعها المؤلف ويضمنها كتابه. بل إن الجَنَدي اعتبره أساس كتابه «السلوك» وقال عن مؤلفه: «وهو شيخي في جمع هذا الكتاب، ولولا كتابه لم أهتد إلى تأيف ما ألفت، ولقد أبقى للفقهاء من أهل اليمن ذكرًا وشرح لذوي الأفكار صدرًا (^١)».
وذكر الجَنَدي أيضًا في مقدمة كتابه المذكور أنه «أخذ أخبار المتقدمين غالبًا، من أحد كتب ثلاثة، أكملها في ذكر العلماء وتواريخهم كتاب الفقيه
_________
(^١) "السلوك" للجندي لوحة ٢١٨.
المقدمة / 8