ـ[طبقات فحول الشعراء]ـ
المؤلف: محمد بن سلام الجمحي (المتوفى: ٢٣٢هـ)
المحقق: محمود محمد شاكر
الناشر: دار المدني - جدة
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
1 / 1
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَأخْبرنَا أَبُو الْقَاسِم سُلَيْمَان ابْن أَحْمد بن أَيُّوب الطبرانى قَالَ قرئَ على الْفضل بن الْحباب وَأَنا أسمع
... أَبُو نصر أخْبرك أَبُو سعد إِذْنا أنبا أَبُو نعيم
١ - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن أسيد قَالَ قرئَ على القاضى
... . . قَرَأَهُ عَلَيْهِ ... سنة إِحْدَى وَسبعين وثلثمائة ... قَالَ القاضى
وَهُوَ الْفضل بن الْحباب الجمحى أَبُو خَليفَة قَالَ مُحَمَّد بن سَلام الجمحى
٢ - ذكرنَا الْعَرَب وَأَشْعَارهَا والمشهورين المعروفين من شعرائها وفرسانها وأشرافها وأيامها إِذْ كَانَ لَا يحاط بِشعر قَبيلَة وَاحِدَة من قبائل الْعَرَب وَكَذَلِكَ فرسانها وساداتها وأيامها فاقتصرنا من ذَلِك على مَا لَا يجهله عَالم وَلَا يسْتَغْنى عَن علمه نَاظر فى أَمر الْعَرَب فبدأنا بالشعر
1 / 3
٣ - وفى الشّعْر مَصْنُوع مفتعل مَوْضُوع كثير لَا خير فِيهِ وَلَا حجَّة فى عَرَبِيَّة وَلَا أدب يُسْتَفَاد وَلَا معنى يسْتَخْرج وَلَا مثل يضْرب وَلَا مديح رائع وَلَا هجاء مقذع وَلَا فَخر معجب وَلَا نسيب مستطرف
وَقد تداوله قوم من كتاب إِلَى كتاب لم يأخذوه عَن أهل الْبَادِيَة وَلم يعرضوه على الْعلمَاء
وَلَيْسَ لأحد إِذا أجمع أهل الْعلم وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة على إبِْطَال شئ مِنْهُ أَن يقبل من صحيفَة وَلَا يرْوى عَن صحفى
وَقد اخْتلف الْعلمَاء بعد فِي بعض الشّعْر كَمَا اخْتلفت فِي سَائِر الْأَشْيَاء فَأَما مَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ فَلَيْسَ لأحد أَن يخرج مِنْهُ
1 / 4
٤ - وللشعر صناعَة وثقافة يعرفهَا أهل الْعلم كَسَائِر أَصْنَاف الْعلم والصناعات مِنْهَا مَا تثقفه الْعين وَمِنْهَا مَا تثقفه الْأذن وَمِنْهَا مَا تثقفه الْيَد وَمِنْهَا مَا يثقفه اللِّسَان
من ذَلِك اللُّؤْلُؤ والياقوت لَا تعرفه بِصفة وَلَا وزن دون المعاينة مِمَّن يبصره
وَمن ذَلِك الجهبذة بالدينار وَالدِّرْهَم لَا تعرف جودتهما بلون وَلَا مس وَلَا طراز وَلَا وسم وَلَا صفة ويعرفه النَّاقِد عِنْد المعاينة فَيعرف بهرجها وزائفها وستوقها ومفرغها وَمِنْه الْبَصَر بغريب النّخل وَالْبَصَر بأنواع الْمَتَاع وضروبه وَاخْتِلَاف بِلَاده
1 / 5
مَعَ تشابه لَونه ومسه وذرعه حَتَّى يُضَاف كل صنف إِلَى بَلَده الَّذِي خرج مِنْهُ
وَكَذَلِكَ بصر الرَّقِيق فتوصف الْجَارِيَة فَيُقَال ناصعة اللَّوْن جَيِّدَة الشطب نقية الثغر حَسَنَة الْعين وَالْأنف جَيِّدَة النهود ظريفة اللِّسَان وَارِدَة الشّعْر فَتكون فِي هَذِه الصّفة بمئة دِينَار وبمئتى دِينَار وَتَكون أُخْرَى بِأَلف دِينَار وَأكْثر وَلَا يجد واصفها مزيدا على هَذِه الصّفة وتوصف الدَّابَّة فَيُقَال خَفِيف الْعَنَان لين الظّهْر شَدِيد الْحَافِر فَتى السن نقى من الْعُيُوب فَيكون بِخَمْسِينَ دِينَارا أَو نَحْوهَا وَتَكون أُخْرَى بمئتى دِينَار وَأكْثر وَتَكون هَذِه صفتهَا
وَيُقَال للرجل وَالْمَرْأَة فى الْقِرَاءَة والغناء إِنَّه لندى الْحلق طل الصَّوْت طَوِيل النَّفس مُصِيب للحن ويوصف الآخر بِهَذِهِ الصّفة وَبَينهمَا بون بعيد يعرف ذَلِك الْعلمَاء عِنْد المعاينة وَالِاسْتِمَاع لَهُ بِلَا صفة ينتهى إِلَيْهَا وَلَا علم يُوقف عَلَيْهِ
وَأَن كَثْرَة
1 / 6
المدارسة لتعدي عَليّ الْعلم بِهِ
فَكَذَلِك الشّعْر يُعلمهُ أهل الْعلم بِهِ
٥ - قَالَ مُحَمَّد قَالَ خَلاد بن يزِيد الباهلى لخلف بن حَيَّان أَبى مُحرز وَكَانَ خَلاد حسن الْعلم بالشعر يرويهِ ويقوله بأى شئ ترد هَذِه الاشعار الَّتِي تروى قَالَ لَهُ هَل فِيهَا مَا تعلم أَنْت أَنه مَصْنُوع لَا خير فِيهِ قَالَ نعم
قَالَ أفتعلم فِي النَّاس من هُوَ أعلم بالشعر مِنْك قَالَ نعم
قَالَ فَلَا تنكر أَن يعلمُوا من ذَلِك أَكثر مِمَّا تعلمه أَنْت
٦ - وَقَالَ قَائِل لخلف إِذا سَمِعت أَنا بالشعر أستحسنه فَمَا أبالى مَا قلت أَنْت فِيهِ وَأَصْحَابك
قَالَ إِذا أخذت درهما فاستحسنته فَقَالَ لَك الصراف إِنَّه ردئ فَهَل ينفعك استحسانك إِيَّاه
٧ - وَكَانَ مِمَّن أفسد الشّعْر وهجنه وَحمل كل غثاء مِنْهُ مُحَمَّد بن
1 / 7
إِسْحَاق بن يسَار مولى آل مخرمَة بن الْمطلب بن عبد منَاف وَكَانَ من عُلَمَاء النَّاس بالسير
قَالَ الزهرى لَا يزَال فى النَّاس علم مَا بقى مولى آل مخرمَة وَكَانَ أَكثر علمه بالمغازي وَالسير وَغير ذَلِك فَقبل النَّاس عَنهُ الْأَشْعَار وَكَانَ يعْتَذر مِنْهَا وَيَقُول لَا علم لى بالشعر أَتَيْنَا بِهِ فأحمله
وَلم يكن ذَلِك لَهُ عذرا فَكتب فِي السّير أشعار الرِّجَال الَّذين لم يَقُولُوا شعرًا قطّ وأشعار النِّسَاء فضلا عَن الرِّجَال ثمَّ جَاوز ذَلِك إِلَى عَاد وَثَمُود فَكتب لَهُم أشعارا كَثِيرَة وَلَيْسَ بِشعر إِنَّمَا هُوَ كَلَام مؤلف مَعْقُود بقواف
أَفلا يرجع إِلَى نَفسه فَيَقُول من حمل هَذَا الشّعْر وَمن أَدَّاهُ مُنْذُ آلَاف من السنين وَالله ﵎ يَقُول ﴿فَقطع دابر الْقَوْم الَّذين ظلمُوا﴾ أى لَا بَقِيَّة لَهُم وَقَالَ أَيْضا ﴿وَأَنه أهلك عادا الأولى وَثَمُود فَمَا أبقى﴾ وَقَالَ فى عَاد ﴿فَهَل ترى لَهُم من بَاقِيَة﴾ وَقَالَ ﴿وقرونا بَين ذَلِك كثيرا﴾ وَقَالَ ﴿ألم يأتكم نبأ الَّذين من قبلكُمْ قوم نوح وَعَاد وَثَمُود﴾
1 / 8
وَالَّذين من بعدهمْ لَا يعلمهُمْ إِلَّا الله)
٨ - وَقَالَ يُونُس بن حبيب أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ ونسى لِسَان أَبِيه إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِمَا
٩ - أخبرنى مسمع بن عبد الْملك أَنه سمع مُحَمَّد بن عَليّ يَقُول قَالَ أَبُو عبد الله بن سَلام لَا أَدْرِي أرفعه أم لَا وَأَظنهُ قد رَفعه أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ ونسى لِسَان أَبِيه إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِمَا
١٠ - وأخبرنى يُونُس عَن أَبى عَمْرو بن الْعَلَاء قَالَ الْعَرَب كلهَا ولد إِسْمَاعِيل إِلَّا حمير وبقايا جرهم
وَكَذَلِكَ يرْوى أَن إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم جاورهم وأصهر إِلَيْهِم
1 / 9
١١ - وَلَكِن الْعَرَبيَّة الَّتِي عَنى مُحَمَّد بن عَليّ اللِّسَان الذى نزل بِهِ الْقُرْآن وَمَا تَكَلَّمت بِهِ الْعَرَب على عهد النبى ﷺ وَتلك عَرَبِيَّة أُخْرَى غير كلامنا هَذَا
١٢ - لم يُجَاوز أَبنَاء نزار فى أنسابهم وأشعارهم عدنان اقتصروا على معد
وَلم يذكر عدنان جاهلى قطّ غير لبيد بن ربيعَة الكلابى فِي بَيت وَاحِد قَالَه قَالَ
(فَإِن لم تَجِد من دون عدنان والدا ... وَدون معد فلتزعك العواذل)
وَقد روى لعباس بن مرداس السلمى بَيت فِي عدنان قَالَ
(وعك بن عدنان الَّذين تلعبوا ... بمذحج حَتَّى طردوا كل مطرد)
1 / 10
وَالْبَيْت مريب عِنْد أَبى عبد الله فَمَا فَوق عدنان أَسمَاء لم تُؤْخَذ إِلَّا عَن الْكتب وَالله أعلم بهَا لم يذكرهَا عربى قطّ
وَإِنَّمَا كَانَ معد بِإِزَاءِ مُوسَى بن عمرَان صلي الله عَلَيْهِ أَو قبله قَلِيلا وَبَين مُوسَى وَعَاد وَثَمُود الدَّهْر الطَّوِيل والأمد الْبعيد
فَنحْن لَا نُقِيم فِي النّسَب مَا فَوق عدنان وَلَا نجد لأولية الْعَرَب المعروفين شعرًا فَكيف بعاد وَثَمُود فَهَذَا الْكَلَام الواهن الْخَبيث وَلم يرو قطّ عربى مِنْهَا بَيْتا وَاحِدًا وَلَا راوية للشعر مَعَ ضعف أسره وَقلة طلاوته
١٣ - وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء فِي ذَلِك مَا لِسَان حمير وأقاصى الْيمن الْيَوْم بلساننا وَلَا عربيتهم بعربيتنا فَكيف بِمَا عَليّ عهد عَاد وَثَمُود مَعَ تداعيه ووهيه فَلَو كَانَ الشّعْر مثل مَا وضع لِابْنِ إِسْحَاق وَمثل مَا روى الصحفيون مَا كَانَت إِلَيْهِ حَاجَة وَلَا فِيهِ دَلِيل على علم
1 / 11
١٤ - وَكَانَ لأهل الْبَصْرَة فِي الْعَرَبيَّة قدمة وبالنحو ولغات الْعَرَب والغريب عناية
وَكَانَ أول من أسس الْعَرَبيَّة وَفتح بَابهَا وأنهج سَبِيلهَا وَوضع قياسها أَبُو الْأسود الدؤلى وَهُوَ ظَالِم بن عَمْرو بن سُفْيَان ابْن عَمْرو بن جندل بن يعمر بن نفاثة بن حلْس بن ثَعْلَبَة بن عدى بن الدئل وَكَانَ رجل أهل الْبَصْرَة وَكَانَ علوى الرأى وَكَانَ يُونُس يَقُول هم ثَلَاثَة الدول من حنيفَة سَاكِنة الْوَاو والديل فِي عبد الْقَيْس والدئل فِي كنَانَة رَهْط أَبى الْأسود وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك حِين اضْطربَ كَلَام الْعَرَب فَغلبَتْ السليقية وَلم تكن نحوية فَكَانَ سراه النَّاس يلحنون ووجوه النَّاس فَوضع بَاب الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ والمضاف وحروف الرّفْع وَالنّصب والجر والجزم
1 / 12
١٥ - وَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ يحيى بن يعمر وَهُوَ رجل من عدوان وعداده فِي بنى لَيْث وَكَانَ مَأْمُونا عَالما يرْوى عَنهُ الْفِقْه
روى عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وروى عَنهُ قَتَادَة وَإِسْحَاق بن سُوَيْد وَغَيرهمَا من الْعلمَاء وَأخذ ذَلِك عَنهُ أَيْضا مَيْمُون الأقرن وعنبسة الْفِيل وَنصر بن عَاصِم الليثى وَغَيرهم
١٦ - قَالَ ابْن سَلام أخبرنى يُونُس بن حبيب قَالَ الْحجَّاج لِابْنِ يعمر أتسمعني أَلحن قَالَ الْأَمِير أفْصح النَّاس قَالَ يُونُس وَكَذَلِكَ كَانَ وَلم يكن صَاحب شعر قَالَ تسمعنى أَلحن قَالَ حرفا
قَالَ أَيْن قَالَ فِي الْقُرْآن
قَالَ ذَلِك أشنع لَهُ فَمَا هُوَ قَالَ تَقول ﴿قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم وَإِخْوَانكُمْ وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله﴾ قَرَأَهَا بِالرَّفْع كَأَنَّهُ لما طَال عَلَيْهِ الْكَلَام نسى مَا ابْتَدَأَ بِهِ
وَالْوَجْه أَن يقْرَأ أحب إِلَيْكُم بِالنّصب على خبر كَانَ وفعلها
قَالَ وأخبرنى يُونُس قَالَ قَالَ لَهُ لَا جرم لَا تسمع لى لحنا أبدا
قَالَ يُونُس فألحقه بخراسان وَعَلَيْهَا يزِيد بن الْمُهلب
1 / 13
فَأَخْبرنِي أَبى قَالَ كتب يزِيد بن الْمُهلب إِلَى الْحجَّاج إِنَّا لَقينَا الْعَدو فَفَعَلْنَا واضطررناهم إِلَى عرْعرة الْجَبَل
فَقَالَ الْحجَّاج مَا لِابْنِ الْمُهلب وَلِهَذَا الْكَلَام فَقيل لَهُ إِن ابْن يعمر هُنَاكَ فَقَالَ فَذَاك إِذا
١٧ - ثمَّ كَانَ من بعدهمْ عبد الله بن أَبى إِسْحَاق الحضرمى وَكَانَ أول من بعج النَّحْو وَمد الْقيَاس والعلل
وَكَانَ مَعَه أَبُو عَمْرو ابْن الْعَلَاء وبقى بعده بَقَاء طَويلا
وَكَانَ ابْن أَبى إِسْحَاق أَشد تجريدا للْقِيَاس وَكَانَ أَبُو عَمْرو أوسع علما بِكَلَام الْعَرَب ولغاتها وغريبها
وَكَانَ بِلَال بن أَبى بردة جمع بَينهمَا بِالْبَصْرَةِ وَهُوَ يَوْمئِذٍ وَال عَلَيْهَا ولاه خَالِد بن عبد الله القسرى زمَان هِشَام بن عبد الْملك قَالَ أَبُو عبد الله قَالَ يُونُس قَالَ أَبُو عَمْرو فغلبنى ابْن أَبى إِسْحَاق بِالْهَمْز يَوْمئِذٍ فَنَظَرت فِيهِ بعد ذَلِك وبالغت فِيهِ
1 / 14
وَكَانَ عِيسَى بن عمر أَخذ عَن ابْن أَبى إِسْحَاق وَأخذ يُونُس عَن أَبى عَمْرو بن الْعَلَاء وَكَانَ مَعَهُمَا مسلمة بن عبد الله بن سعد بن محَارب الفهرى وَكَانَ ابْن أَبى إِسْحَاق خَاله وَكَانَ حَمَّاد بن الزبْرِقَان وَيُونُس يفضلانه
وَسمعت أَبى يسْأَل يُونُس عَن ابْن أَبى إِسْحَاق وَعلمه قَالَ هُوَ والنحو سَوَاء أى هُوَ الْغَايَة
قَالَ فَأَيْنَ علمه من علم النَّاس الْيَوْم قَالَ لَو كَانَ فى النَّاس الْيَوْم من لَا يعلم إِلَّا علمه يَوْمئِذٍ لضحك بِهِ وَلَو كَانَ فيهم من لَهُ ذهنه ونفاذه وَنظر نظرهم كَانَ أعلم النَّاس
١٨ - قَالَ وَقلت ليونس هَل سَمِعت من ابْن أَبى إِسْحَاق شَيْئا قَالَ قلت لَهُ هَل يَقُول أحد الصويق يعْنى السويق
قَالَ نعم عَمْرو بن تَمِيم تَقُولهَا وَمَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا عَلَيْك بِبَاب من النَّحْو يطرد وينقاس
1 / 15
١٩ - وَسمعت يُونُس يَقُول لَو كَانَ أحد ينبغى أَن يُؤْخَذ بقوله كُله فى شئ وَاحِد كَانَ ينبغى لقَوْل أَبى عَمْرو بن الْعَلَاء فى الْعَرَبيَّة أَن يُؤْخَذ كُله وَلَكِن لَيْسَ أحد إِلَّا وَأَنت آخذ من قَوْله وتارك
٢٠ - قَالَ فَأخذ على الفرزدق شئ فى شعره فَقَالَ أَيْن هَذَا الذى يجر فى الْمَسْجِد خصييه وَلَا يصلحه يعْنى ابْن أَبى إِسْحَاق
٢١ - أخبرنى يُونُس أَن أَبَا عَمْرو كَانَ أَشد تَسْلِيمًا للْعَرَب وَكَانَ ابْن أَبى إِسْحَاق وَعِيسَى بن عمر يطعنان عَلَيْهِم
كَانَ عِيسَى يَقُول أَسَاءَ النَّابِغَة فى قَوْله حَيْثُ يَقُول
(فَبت كأنى ساورتنى ضئيلة ... من الرقش فى أنيابها السم ناقع)
يَقُول موضعهَا ناقعا
وَكَانَ يخْتَار السم والشهد وهى علوِيَّة
1 / 16
٢٢ - وَأَخْبرنِي يُونُس أَن ابْن أَبى إِسْحَاق قَالَ للفرزدق فى مديحه يزِيد بن عبد الْملك
(مُسْتَقْبلين شمال الشأم تضربنا ... بحاصب كنديف الْقطن منثور)
(على عمائمنا يلقى وأرحلنا ... على زواحف تزجى مخها رير)
قَالَ ابْن أَبى إِسْحَاق أَسَأْت إِنَّمَا هى رير وَكَذَلِكَ قِيَاس النَّحْو فى هَذَا الْموضع
وَقَالَ يُونُس وَالَّذِي قَالَ حسن جَائِز
فَلَمَّا ألحوا على الفرزدق قَالَ على زواحف نزجيها محاسير
قَالَ ثمَّ ترك النَّاس هَذَا وَرَجَعُوا إِلَى القَوْل الأول
1 / 17
٢٣ - وَكَانَ يكثر الرَّد على الفرزدق فَقَالَ فِيهِ الفرزدق
(فَلَو كَانَ عبد الله مولى هجوته ... وَلَكِن عبد الله مولى مواليا)
رد الْيَاء على الأَصْل
وهى أَبْيَات وَلَو كَانَ هَذَا الْبَيْت وَحده تَركه سَاكِنا
٢٤ - وَكَانَ مولى آل الحضرمى وهم حلفاء بنى عبد شمس بن عبد منَاف
والحليف عِنْد الْعَرَب مولى من ذَلِك قَول الراعى يُرِيد بِهِ غَنِيا وهم حلفاؤهم
(جزى الله مَوْلَانَا غَنِيا ملامة ... شرار موالى عَامر فِي العزائم)
وَقَالَ الأخطل
(أتشتم قوما أثلوك بنهشل ... ولولاهم كُنْتُم كعكل مواليا)
1 / 18
يعْنى حلف الربَاب لسعد وَإِنَّمَا قَالَهَا لجرير
وَقَالَ الكلبى يحضض عذره على فَزَارَة
(وَأَشْجَع إِن لاقيتموهم فَإِنَّهُم ... لذبيان مولى فى الحروب وناصر)
٢٥ - وَكَانَ عِيسَى بن عمر إِذا اخْتلفت الْعَرَب نزع إِلَى النصب
كَانَ عِيسَى بن عمر وَابْن أَبى إِسْحَاق يقرآن ﴿يَا ليتنا نرد وَلَا نكذب بآيَات رَبنَا ونكون من الْمُؤمنِينَ﴾
وَكَانَ الْحسن وَأَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء وَيُونُس يرفعون نرد ونكذب
1 / 19
ونكون
قلت لسيبويه كَيفَ الْوَجْه عنْدك قَالَ الرّفْع
قلت فَالَّذِينَ قرأوا بِالنّصب قَالَ سمعُوا قِرَاءَة ابْن أَبى إِسْحَاق فَاتَّبعُوهُ
وَكَانَ عِيسَى بن عمر يقْرَأ ﴿الزَّانِيَة وَالزَّانِي﴾ ﴿وَالسَّارِق والسارقة﴾ وَكَانَ ينشد
(ياعديا لقلبك المهتاج ...)
وَكَانَ يقْرَأ ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم﴾ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء هَؤُلَاءِ بنى هم مَاذَا فَقَالَ عشْرين رجلا فأنكرها أَبُو عَمْرو
وَكَانَ أَبُو عَمْرو وَعِيسَى يقرآن ﴿يَا جبال أوبي مَعَه وَالطير﴾ ويختلفان فى التَّأْوِيل
كَانَ عِيسَى يَقُول على النداء كَقَوْلِك يَا زيد والْحَارث لما لم يُمكنهُ يَا زيد يَا الْحَارِث
1 / 20
وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقُول لَو كَانَت على النداء لكَانَتْ رفعا وَلكنهَا على إِضْمَار وسخرنا الطير كَقَوْلِه على أثر هَذَا ﴿ولسليمان الرّيح﴾ أى سخرنا الرّيح
٢٦ - وَقَالَ يُونُس قَالَ ابْن أَبى إِسْحَق فى بَيت الفرزدق
(وعض زمَان يَا بن مَرْوَان لم يدع ... من المَال إِلَّا مسحتا أَو مجرف)
ويروى أَيْضا مجلف المجرف الذى تجر فته السّنة وقشرته والمجلف الذى صيرته جلفا للرفع وَجه
قَالَ أَبُو عَمْرو وَلَا أعرف لَهَا وَجها
وَكَانَ يُونُس لَا يعرف لَهَا وَجها
قلت ليونس لَعَلَّ الفرزدق قَالَهَا على النصب وَلم يأبه فَقَالَ لَا كَانَ ينشدها على الرّفْع
وأنشدنيها رؤبة على الرّفْع
1 / 21