فهؤلاء ينضمّون إلى المستبدِّ، فتكون فتنةً شعواء، وإذا كانوا يبلغون مقدار الثلث فقط، تكون حينئذٍ الغلبة في جانب المستبدِّ.
ثمَّ إذا كانت الغاية مبهمة ولم يكن السير في سبيلٍ معروف، ويوشك أن يقع الخلاف في أثناء الطريق، فيفسد العمل أيضًا وينقلب إلى انتقام وفتن. ولذلك يجب تعيين الغاية بصراحة وإخلاص وإشهارها بين الكافّة، والسعي في إقناعهم واستحصال رضائهم بها ما أمكن ذلك، بل الأَولى حمل العوام على النداء بها وطلبها من عند أنفسهم. وهذا سبب عدم نجاح الإمام علي ومن وليه من أئمة آل البيت ﵃، ولعلَّ ذلك كان منهم لا عن غفلة، بل مقتضى ذلك الزمان من صعوبة المواصلات وفقدان البوستات المنتظمة والنشريات المطبوعة إذ ذاك.
والمراد أنَّ من الضروري تقرير شكل الحكومة التي يراد ويمكن أنْ يُستبدل بها الاستبداد، وليس هذا بالأمر الهيّن الذي تكفيه فكرة ساعات، أو فطنة آحاد، وليس هو بأسهل من ترتيب المقاومة والمغالبة. وهذا الاستعداد الفكري النظري لا يجوز أنْ يكون مقصورًا على الخواص، بل لا بدَّ من تعميمه وعلى حساب الإمكان ليكون بعيدًا عن الغايات ومعضودًا بقبول الرأي العام.
وخلاصة البحث أنَّه يلزم أولًا تنبيه حسّ الأمَّة بآلام الاستبداد، ثمَّ يلزم حملها على البحث في القواعد الأساسية للسياسة المناسبة لها؛ بحيث يشغل