القيادة العسكرية والحكم المدني كانا عبئين اضطلع ماركوس بحملهما بمهارة واقتدار، امتثالا للواجب الاجتماعي وليس شغفا بالقيادة والملك. أما الفلسفة فإنه لينتحي إليها ببوصلة روحه، ويعدها أمه إذا كانت الوظيفة هي زوجة أبيه. كانت الفلسفة ملاذه وراحته، كيما يحتمل القصر ويحتمله القصر. الفلسفة هي الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يخفرنا في مغترب وجودنا.
تأثر ماركوس بكثير من الفلاسفة السابقين عليه، ولكن أكثرهم تأثيرا كان سقراط، وهيراقليطس، وإبكتيتوس. أما سقراط فقد كان التجسيد الحي لمثال «الحكيم»
Sophos
عند الرواقيين عبر تاريخهم كله؛ موقفه عند المحاكمة، رفضه للهرب وقد عرض عليه، ثباته ورباطة جأشه في مواجهة الموت، ويقينه بأن مرتكب الظلم إنما يؤذي نفسه أكثر مما يؤذي ضحيته، وأن الفضيلة علم والرذيلة جهل، وأن لا أحد يرتكب الإثم عن قصد أي عن علم، وعدم اكتراثه بالحر والبرد، وبساطة مأكله وملبسه، وتجرده من كل ضروب الترف والرفاهية الجسدية.
5
وأما هيراقليطس فقد أخذ عنه نظرية اللوجوس، والعود الأبدي، ونهر التغير، واغتراب المنبت (عن مجموع البشر)، والأسلوب المقطعي. وأما إبكتيتوس فقد أخذ عنه مواضيع
topoi
الدراسة الثلاثة: الانفعال (الرغبة والنفور) وهو منوط بعلم الطبيعة، والنزوع (الإقدام والإحجام) وهو منوط بعلم الأخلاق، والحكم
judgement
أو التصديق
Неизвестная страница