71

Та'виль мухталиф аль-хадис

تأويل مختلف الحديث

Издатель

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Номер издания

الطبعة الثانية

Год публикации

1419 AH

وتصحيحه الْخَبَرَيْنِ عَنْهُ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، مَعَ ثَاقِبِ فَهْمِهِ، وَبَارِعِ عِلْمِهِ، وَتَقَدُّمِهِ فِي السِّتَّةِ١ الَّذِينَ انْتَهَى إِلَيْهِمُ الْعِلْمُ بِهَا، وَاقْتَدَتْ بِهِمُ الْأُمَّةُ مَعَ خَاصَّتِهِ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلُطْفِ مَحِلِّهِ. وَكَيْفَ يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنَّ يُقِرَّ بِالْكَذِبِ هَذَا الْإِقْرَارَ؟ فَيَقُولُ: الْيَوْمَ شَهِدْتُ، وَيَقُولُ غَدًا: لَمْ أَشْهَدْ، وَلَوْ جَهَدَ عَدُّوهُ، أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُ مَا بَلَغَهُ مِنْ نَفْسِهِ مَا قَدَرَ، وَلَوْ كَانَ بِهِ خَبَلٌ، أَوْ عَتَهٌ، أَوْ آفَةٌ، مَا زَادَ عَلَى مَا وَسَمَ بِهِ نَفْسَهُ. وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ لَا يُثْبِتُونَ حَدِيثَ الزُّطِّ، وَمَا ذَكَرَ مِنْ حُضُورِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ، وَهُمُ الْقُدْوَةُ عِنْدَنَا فِي الْمَعْرِفَةِ بِصَحِيحِ الْأَخْبَارِ وَسَقِيمِهَا، لِأَنَّهُمْ أَهْلُهَا والمعتنون بِهَا٢. وَكُلُّ ذِي صِنَاعَةٍ أَوْلَى بِصِنَاعَتِهِ. غَيْرَ أَنَّا لَا نَشُكُّ فِي بُطْلَانِ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ يُخْبِرُ النَّاسَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ قَدْ كَذَبَ، وَلَا تَسْقُطُ٣ عِنْدَهُمْ مَرْتَبَتُهُ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ، لَقِيلَ لَهُ: فَلِمَ خَبَّرْتَنَا أَمْسِ بِأَنَّكَ شَهِدْتَ؟ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، فَقَدْ سَقَطَ٤ الْخَبَرُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا صَحِيحَيْنِ، فَلَا أَرَى النَّاقِلَ لِلْخَبَرِ الثَّانِي إِلَّا وَقَدْ أَسْقَطَ مِنْهُ حَرْفًا٥، وَهُوَ "غَيْرِي"؛ يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ لَهُ، أَكُنْتَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ فَقَالَ: "مَا شَهِدَهَا أَحَدٌ مِنَّا غَيْرِي". فَأَغْفَلَ الرَّاوِي "غَيْرِي" إِمَّا بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ، أَوْ بِأَنَّهُ سَمِعَهُ فَنَسِيَهُ٦ أَوْ بِأَنَّ النَّاقِلَ عَنْهُ أَسْقَطَهُ. وَهَذَا وَأَشْبَاهُهُ قَدْ يَقَعُ وَلَا يُؤمن.

١ وَفِي نُسْخَة:: فِي السّنة. ٢ وَفِي نُسْخَة: والمعتنون بهَا. ٣ وَفِي نُسْخَة: وَلَا يسْقط. ٤ وَفِي نُسْخَة: بَطل. ٥ لَعَلَّ الْأَصَح: أسقط مِنْهُ كلمة وَهُوَ "غَيْرِي". ٦ وَفِي نُسْخَة: فأنسيه.

1 / 83