103

Та'виль мухталиф аль-хадис

تأويل مختلف الحديث

Издатель

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Номер издания

الطبعة الثانية

Год публикации

1419 AH

أنَاس بِهِمْ رِيبَةٌ فِي الصُّدُورِ ... وَيُخْفُونَ فِي الْجَوْفِ مِنْهَا غَلِيلًا
إِذَا أَحْدَثُوا بِدْعَةً فِي الْقُرْآنِ ... تَعَادَوْا١ عَلَيْهَا فَكَانُوا عُدُولًا
فخلِّهم وَالَّتِي يَهْضِبُونَ٢ ... وَوَلِّهِمْ مِنْكَ صَمْتًا طَوِيلًا
حَيْرَتُهُمْ وَعَدَمُ اسْتِقْرَارِهِمْ عَلَى رَأْيٍ:
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَقَدْ كُنْتُ سَمِعْتُ بِقَوْلِ عُمَرَ٣ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵀: "مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا٤ لِلْخُصُومَاتِ، أَكْثَرَ التَّنَقُّلِ".
وَكُنْتُ أَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْحَقَّ يُدْرَكُ بِالْمُقَايَسَاتِ وَالنَّظَرِ، وَيَلْزَمُ مَنْ لَزِمَتْهُ الْحُجَّةُ أَنْ يَنْقَادَ لَهَا. ثُمَّ رَأَيْتُهُمْ، فِي طُولِ تَنَاظُرِهِمْ، وَإِلْزَامِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا الْحُجَّةَ، فِي كُلِّ مَجْلِسٍ مَرَّاتٍ، لَا يَزُولُونَ عَنْهَا، وَلَا يَنْتَقِلُونَ.
وَسَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ رَجُلًا مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْعَالَمِ، هَلْ لَهُ نِهَايَةٌ وَحَدٌّ؟
فَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ: النِّهَايَةُ -عِنْدِي- عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا نِهَايَةُ الزَّمَانِ، مِنْ وَقْتِ كَذَا إِلَى وَقْتِ كَذَا، وَالْآخَرُ نِهَايَةُ الْأَطْرَافِ وَالْجَوَانِبِ، وَهُوَ مُتَنَاهٍ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ لَهُ: فَأَخْبِرْنِي عَنَ الصَّانِع ﷿، هَل مُتَنَاهٍ؟
فَقَالَ: مُحَالٌ.
قَالَ: فَتَزْعُمُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ الْمُتَنَاهِي، مَنْ لَيْسَ بِمُتَنَاهٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ الشَّيْءَ، مَنْ لَيْسَ بِشَيْءٍ، كَمَا جَازَ أَنْ يَخْلُقَ الْمُتَنَاهِي من لَيْسَ بمتناه؟

١ وَفِي نُسْخَة: تغاذوا.
٢ يهضبون: من هضب بِالْحَدِيثِ: إِذا أَفَاضَ فِيهِ. الْقَامُوس.
٣ عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان أَمِير الْمُؤمنِينَ، وخامس الْخُلَفَاء الرَّاشِدين. الْعَالم الْحَافِظ الزَّاهِد الْوَرع الْعَادِل، فضائله كَثِيرَة ولي الْخلَافَة سنة ٩٩ وَمَات سنة ١٠١هـ.
٤ أَي: هدفًا.

1 / 115