151

Сцены из жизни сподвижников

صور من حياة الصحابة

Издатель

دار الأدب الاسلامي

Номер издания

الأولى

المُجَاهِدِينَ، وَيُفَضِّلُهُمْ عَلَى القَاعِدِينَ لِيَنْشَطَ المُجَاهِدُ إِلَى الجِهَادِ، وَيَأْنَفَ القَّاعِدُ مِنَ القُعُودِ؛ فَأَثَّرَ ذَلِكَ فِي نَفْسِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَعَزَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرَمَ مِنْ هَذَا الفَضْلِ وَقَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ ... ثُمَّ سَأَلَ اللَّهَ بِقَلْبٍ خَاشِعٍ أَنْ يُنْزِلَ قُرْآناً فِي شَأْنِهِ وَشَأْنِ أَمْثَالِهِ مِمَّنْ تَعُوقُهُمْ عَاهَاتُهُمْ عَنِ الجِهَادِ، وَجَعَلَ يَدْعُو فِي ضَرَاعَةٍ:

((اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عُذْرِي ... اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عُذْرِي)) ...

فَمَا أَسْرَعَ أَنْ اسْتَجَابَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ لِدُعَائِهِ.

***

حَدَّثَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ (١) كَاتِبُ وَحْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ:

كُنْتُ إِلَى جَنْبِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَغَشِيَتْهُ(٢) السَّكِينَةُ، فَوَقَعَتْ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي؛ فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَثْقَلَ مِنْ فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ سُرِّيَ (٣) عَنْهُ فَقَالَ:

(اكْتُبْ يَا زَيْدُ) ... فَكَتَبْتُ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .. ﴾.

فَقَامَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الجِهَادَ؟ !... فَمَا انْقَضَى كَلَامُهُ حَتَّى غَشِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ السَّكِينَةُ، فَوَقَعَتْ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَوَجَدْتُ مِنْ ثِقَلِهَا مَا وَجَدْتُهُ فِي المَرَّةِ الأُولَى، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: (اقْرَأْ مَا كَتَبْتَهُ يَا زَيْدُ).

فَقَرَأْتُ: ﴿لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ...

(١) زَيْد بْن ثَّابِت: انظره ص ٣٦٢.

(٢) غشيته السكينة: غطته وحلّت به.

(٣) سُرِّي عنه: كشف عنه ما نزل به من شدة الوحي وثقله.

155