Сократ: человек, который осмелился задавать вопросы
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
Жанры
لم تكن مشكلة سقراط هي الإنسان ممثلا في عضلاته وعظامه وإنما هي مشكلة الإنسان كذات مفكرة راغبة حية، تهتم بالخير والشر، الإنسان الذي يمكن أن لا تقيسه العضلات والعظام وشق على سقراط أن يجد لهذه «الأنا» من الإنسان اسما فاستعار لفظة كانت لها معان أخرى، وتشجع فأطلق عليها «النفس».
الفصل السابع
الآلهة تكلفه بالرسالة
ولما تحدث سقراط فيما بعد عن كتاب أنكسجوراس، روى القصة كأنها حدثت كلها في بضع لحظات، في حين أن مجرد قراءة الكتاب كانت عملا طويل الأجل في تلك الأيام، والقرارات بعيدة الغور تقتضي نموا بعيد الغور كذلك، ولا بد أن يكون سقراط قد أخذ في النمو - لسنوات عدة - نحو إدراك عمله الحقيقي، وربما سار في صمت عدة أشهر أخرى قبل أن يتخلى عن نحت الحجارة، ويكرس كل وقته للفلسفة.
ولا بد أن يكون ثبات الغرض - الذي تعشقه أصدقاء مثل أفلاطون - قد أخذت جذوره تمتد خلال تلك الفترة، وكذلك التأكد من أن الآلهة كانت تؤيده؛ لأن شيئا لم يكن أشد ثبوتا في ذهنه فيما بعد من الاعتقاد بأن الآلهة قد كلفته برسالة، فقد أمرته الآلهة الحكيمة أن يبحث عن الحكمة - كما قال - وذكر قصة كاهنه شيرفون دليلا على ذلك.
وكان شيرفون - كما عرف كل إنسان - أحد الشبان المتحمسين الذين بدءوا يلتفون حول سقراط، وهو ذلك الشاب الذي لقبه أحدهم «بالوطواط» لنحول جسمه واصفرار بشرته، وقد بلغت بشيرفون هذا الجرأة أن يقول: إن سقراط كان أحكم الناس جميعا، بل أكثر من ذلك ناشد الآلهة أن تبرهن على ذلك، فذهب إلى دلفي لكي يسأل كاهنه أبولو.
وكان دلفي، مكان معبد أبولو وكاهنته المعروفة من قديم، يقع في أعلى التلال شمالي وغربي أثينا، وكان مكانا عظيم التقديس، وتروي القصص أن زيوس والدنيا في حداثتها أرسل ذات مرة نسرين من طرفين متقابلين في السماء لكي يقيسا الأرض، والتقى النسران في دلفي، وكان الحجر الذي يتوسط الأرض لا يزال هناك، وتردد على وادي الجبل فيما بعد وحش غريب: هو أفعوان الأرض، وقتل أبولو الأفعوان بقوسه الفضية، وأحل كاهنته ومائدته المقدسة ذات القوائم الثلاث محل حجر الأفعوان، وجاء الرجال من جميع أنحاء اليونان يوجهون إلى الكاهنة الأسئلة؛ لأن أبولو كان إلها يقول الصدق ويعرف الماضي والحاضر والمستقبل، وكل ما تفوهت به الكاهنة كان صدقا مؤكدا.
وكانت توجه إلى أبولو في دلفي كل أنواع الأسئلة، وكانت المدن ترسل سفراءها ليعرفوا لها كيف تتخلص من الطاعون، أو أين تؤسس لها مستعمرة، ووفد كذلك الرجال البارزون ليسألوا إن كانوا سيرزقون أبناء يحملون من بعدهم أسماءهم، وتساءلت المدن الإغريقية - كما تساءل كذلك ملوك الشرق في الزمان القديم - هل تشن الحروب؟ ومن ذا تختار حليفا لها؟
وبالطبع لم تكن الكاهنة دائما على صواب، وذلك إذا طالعت السجل قبل أن يتوافر للكهان الوقت للتصحيح والتفسير ومع ذلك فما أكثر ما صدقت! وما دام الإغريق يعتقدون في الآلهة، فإن أكثرهم كان يعتقد في كاهنة دلفي، وحتى بعد أن بلغ سقراط شيخوخته تراه ينصح صديقا شابا أن يستشير أبولو قبل أن يشرع في حملة محفوفة بالمخاطر، وأثبت سوفوكليز صديق بركليز، الذي كان قائدا وسياسيا وأمينا على أموال الإمبراطورية، كما كان شاعرا معروفا، أثبت في مسرحياته أن كلمات أبولو لا بد أن تصدق، ومن الإثم أن يشك المرء فيها.
ولذا ذهب شيرفون إلى دلفي ليلقي هناك سؤاله، وسافر على ظهر سفينة من كورنث مع الحجاج الآخرين، وربما سافر برا بالطريق الذي يتلوى خلال الممرات الجبلية المقفرة من بوتيا، وكان شابا سمع بالكاهنة منذ طفولته ، ولما بلغ مطلع الجبل ووقعت عيناه على المكان المقدس لأول مرة تقطعت أنفاسه عجبا، كانت دلفي، باستشرافها عالية في حضن الجبل الأجرد العاري، وهي ترن بأصداء أصوات الحجاج، مكانا من اليسير أن تحس فيه بعظمة أبولو.
Неизвестная страница