[و]
ما يروى حتى لا يفوتهم ما صح منها، وأن يتأثروا بشبه المضللين فيرفضوه كله حذرا من الأخذ بالموضوع والوقوع في الباطل، ولكن الله جنبهم الخطتين وعصمهم من الوقوع في الورطتين، ووفقهم إلى الطريقة الوسطى، طريقة الاعتدال البعيدة عن التعصب الأعمى والتحامل الذميم، طريقة الفحص والتمحيص للسند والمتن، ووضع القواعد العلمية الصحيحة لمعرفة من يقبل ومن لا يقبل من الرواة، وما يقبل وما يرد من الأحاديث، وبهذا ميزوا الخبيث من الطيب، ونالت السنة بجهودهم ما لم يعهد في شريعة من الشرائع، ولا في نص من النصوص غير الكتاب الكريم.
وكان مما أثلج صدورنا، وفتح باب الأمل في شباب عصرنا - أن الطالب المؤمن بربه، والغيور على دينه، والمحب لسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - السيد «محمد عجاج الخطيب» - سار على توفيق من الله، وهدى من السلف الصالح ، فاختار لنيل درجة الماجستير في العلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة - موضوع «السنة قبل التدوين»، ليدفع ببحثه ما أثاره المضللون من انقطاع الصلة بين الرسول وما بين أيدينا من سنته في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وبعضها في عهد الصحابة والتابعين، قبل أن تدون التدوين الرسمي المعروف.
وقد رجح أن التدوين الرسمي بدأ في منتصف العقد الهجري الثامن من القرن الأول حين طلب أمير مصر: عبد العزيز بن مروان بن الحكم من كثير بن مرة الحضرمي - الذي أدرك سبعين بدريا من الصحابة في حمص - أن يكتب إليه بما سمع من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا حديث أبي هريرة فإنه كان عنده. ولا يظن بكثير إلا أن يستجيب لطلب الأمير، فيجتمع له بهذا ما كان عنده من حديث أبي هريرة وما كان عند كثير، وحسبك هذا تدوينا
Неизвестная страница