3 - كيف كان الصحابة يتلقون السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟:
ما كان الإيمان يخالط قلوب المسلمين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينير سبيلهم - حتى عرفوا عظمة الإسلام، فانكبوا ينهلون من القرآن الكريم: ذلك المعين الذي لا ينضب بعد أن رأوا فيه المعجزة الكبرى والهداية العظمى وامتلأت قلوبهم حبا لله ورسوله - عليه الصلاة والسلام -، فتفانوا في الدفاع عن مبادئهم وحماية قائدهم ومعلمهم، حتى إن الرجل منهم ليفديه بماله ودمه وولده. لقد تحولت جميع قواهم الفطرية، وفضائلهم الطبيعية، وحيوياتهم الدائمة، وتضافرت للمحافظة على الإسلام ونشره، وإن التاريخ ليحفظ تلك المفاخر الخالدة من التضحيات العظيمة النادرة ... فإذا ما دعت الحاجة إلى المال سارع المسلمون متنافسين في تقديم أموالهم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا يتبرع بثلث ماله، وذلك بنصف ماله، وآخر بماله كله ... !! وقد تضيق الحال بالمسلمين أنفسهم، فترى عثمان - رضي الله عنه - يهب قافلته التجارية القادمة من الشام للمسلمين، ويأبى أن يبيعها بالمبالغ المغرية التي عرضت عليه ويقول: «دفع لي بها أكثر من ذلك ... ».
وقد بذلوا نفوسهم للذود عن حياض الإسلام، وفدوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأرواحهم فإذا ما نزل بهم الخطب في غزوة أحد رأيناهم يتسابقون للدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا أبو دجانة يجعل ظهره ترسا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى أثخنته الجراح، وإلى جانبه علي يذب عنه بسيفه، وسعد بن أبي وقاص يرمي بقوسه حتى كتب لهم النصر ..
Страница 57