الأولى لظهور الإسلام. وقصة إسلام عمر تثبت أن المسلمين كانوا يقرأون القرآن في بيوتهم، ويتفقهون في الدين ...
ثم أصبح المسجد فيما بعد - المكان المعهود للعمل والفتوى والقضاء، إلى جانب العبادة وإقامة الشعائر الدينية، وعرض لأمور العامة على المسلمين.
ومع هذا لم يقتصر تبليغ الرسول - عليه الصلاة والسلام - على مكان محدود ولا على مناسبة معينة، فقد كان يستفتى في الطريق فيفتي، ويسأل في المناسبات فيجيب، يبلغ الأحكام في كل فرصة تسنح له، وفي كل مكان يتسع لذلك: في حله وترحاله، في سلمه وحربه.
وإلى جانب هذا كانت له مجالس علمية كثيرة يتخول فيها أصحابه بالموعظة، فإذا جلس جلس إليه أصحابه حلقا حلقا (1). ويقول أنس - رضي الله عنه -: «إنما كانوا إذا صلوا الغداة قعدوا حلقا حلقا، يقرؤون القرآن، ويتعلمون الفرائض والسنن» (2) ومن تاريخ الصحابة وحياتهم العلمية تعلم أن الرسول الكريم لم يكن يضن على مسلم بالعلم، وأنه كان يكثر مجالسة أصحابه يعلمهم ويزكيهم. وسيظهر لنا ذلك من البحث.
عن ابن مسعود، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم «يتخولنا بالموعظة في الأيام، كراهة السآمة علينا» (3) فقد كان - عليه الصلاة والسلام - يخشى أن يمل أصحابه فيتخولهم بالموعظة بين وقت وآخر، لأن الاستمرار في تعليمهم وتوجيههم، يدخل الملل إلى نفوسهم، فتقل الفائدة، فمن الحكمة سلوك هذا
Страница 48