العقل والشرع إذا اتي به على أفضل الوجوه وأحسنها وأجملها، هذا هو الأدب، والإنسان ذو الأدب هو من تقع أفعاله وحركاته على أجمل الوجوه وألطفها. أما الصفات التي تتعلق بصفاء الروح وكمال النفس وباطن الإنسان - كالسخاء، والشجاعة، والعدالة، والعفو، والرحم، وسائر الصفات الإنسانية - فإنما هي " الأخلاق ".
وبعبارة أخرى: الأدب من صفات ما يصدر من الإنسان من فعل في الواقع الخارجي، بينما " الأخلاق " من صفات النفس الباطنة، وهذان المعنيان مع ذلك متلازمان.
وعلى هذا فلا يصح إطلاق " الآداب " على الأفعال غير المحمودة في العقل والدين مثل: الظلم، والخيانة، والكذب، والبخل، والحسد، ونحوها، وكذلك ما خرج عن اختيار الإنسان من الأفعال.
و " السنة " كذلك من صفات فعل الإنسان، مع ملاحظة أن " السنة " أعم في المعنى من " الأدب " أي تطلق السنة على السنن الصالحة والطالحة، بينما ليس " الأدب " إلا الجميل من الفعال، فالأدب ممدوح عند الخاص والعام.
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " حسن الأدب زينة العقل " (1).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): " الآداب حلل مجددة " (2).
وقال الإمام المجتبى الحسن بن علي (عليهما السلام): " لا أدب لمن لا عقل له " (3).
والأحاديث في الثناء على الأدب كثيرة.
كان الإنسان - حسب معلوماته وعقائده الخاصة وكذلك الأفكار والعواطف المحيطة به - متقيدا طبعا بسلسلة من الآداب والسنن، يبدأ معها حياته وبها يختم.
كما أن الآداب والسنن تمثل روحيات ومعنويات المجتمع البشري، وفي آداب الأمم وسننها تتجلى ما لها من تصورات وأفكار وعقائد، وبآدابها وسننها
Страница 7