Султан Мухаммад Фатих
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Жанры
ولم يكن السلطان محمد الفاتح هو أول من غزا هذه البلاد؛ فلقد غزاها من قبله عدد من السلاطين، غزاها السلطان بايزيد الأول، ثم السلطان مراد الثاني، بعث إليها من قواده من استطاع اكتساحها من أقصاها إلى أقصاها، ولكن العثمانيين لم يثبتوا أقدامهم فيها نهائيا إلا في عهد الفاتح.
كان من أكبر الإمارات الإغريقية إمارة أثينا، وكانت فوضى الحكم فيها على أشدها، فلقد مات دوقها وخلف الحكم لزوجته وابنه، فأما زوجته فلقد جعلت من عرش الإمارة فراش غرام، فأحبت أحد الدوقات الآخرين ولم تقبل الزواج منه إلا إذا طلق زوجته الأصلية وأهلكها، وفعلا تم لها ما أرادت، وذهب الساخطون على ذلك السلوك إلى السلطان يطلبون منه النجدة والتدخل، فأرسل لهم دوقا آخر لم يفتر حتى قتل الدوقة المولعة بالغرام، وقامت فوضى لم يرض معها السلطان الفاتح إلا أن يرسل قائده عمر بن طرخان لاحتلال أثينا ونشر الأمن والنظام في هذه الأرجاء وحماية هؤلاء الطغاة والمستبدين من أنفسهم.
وظهر السلطان محمد الثاني في أراضي الإغريق كالحكم القوي العادل الذي يقبله الجميع، ويخضع له الجميع راضين. لقد وصل إلى بلاد المورة في سنة 1458م لكي يعطي الطغاة والمستبدين الإغريق واللاتين درسا قاسيا في فن السياسة والحكم، فاستولى على حصونهم، وقضى على محبي الفوضى قضاء عزيز مقتدر، وفتحت القساوسة أبواب مدنهم له، وتلقوه بالترحاب حتى يحظوا بحمايته، ويطمئنوا إلى رعايته. ثم زار مدينة أثينا وهاله جمال آثارها القديمة، فمكث فيها مليا. وفي السنتين اللتين تلتا سنة 1458م تمكن من إخضاع شبه جزيرة الإغريق إخضاعا تاما فأصبحت جزءا من الإمبراطورية العثمانية إلى الربع الأول من القرن التاسع عشر.
إخضاع الصرب
أما مع أمراء البلقان - وخاصة الصرب - فكانت سياسة السلطان محمد الثاني قبل فتح القسطنطينية هي توثيق علاقات الود والصداقة بهم والعمل على كسب رضاهم حتى ينتهي من مهمته العظيمة، وحينئذ يستطيع إخضاعهم الواحد تلو الآخر. كان يعرف أن الصرب الشمالية بصفة خاصة الصرب التي يحكمها برانكوفتش مذبذبة بين الأتراك والمجريين، تحالف هذا الفريق حينا، وتدفع عنها بالمال حينا خطر الفريق الآخر.
ولذا نجد السلطان محمدا يعترف بالمعاهدة التي عقدها السلطان مراد الثاني مع إمارة الصرب الشمالية، هذه المعاهدة التي لا تفرض على هذه البلاد إلا جزية سنوية تدفعها للدولة وتتمتع في نظيرها بالاستقلال التام في أمورها الداخلية، كما أرسل إحدى زوجات أبيه السلطانات وهي صربية، إلى بلادها محاطة بكل مظاهر الحفاوة والإكرام، وأجرى عليها النفقات الكثيرة.
وكان هدف السلطان من وراء ذلك منع برانكوفش الأمير الصربي من الاتفاق مع المجريين على نقض الهدنة التي عقدها السلطان معهم أثناء حصار القسطنطينية، وفعلا تم له ما أراد.
فوفى برانكوفتش بما عاهد عليه السلطان، كما لم يقم بأي مساعدة للقسطنطينية وقت محنتها، هذه المدينة التي اشترك بنفسه في تجديد أسوارها وتحصيناتها. بل وأرسل رسله للسلطان يهنئونه بهذا الفتح العظيم ويقدمون له الجزية. ولكن السلطان كان قد قرر إخضاع هذه البلاد نهائيا للحكم العثماني. فالصرب بلاد زراعية، غنية بالمعادن وخاصة الفضة وبمراعيها الجيدة ومدنها المزدهرة، ثم بعد ذلك أصبح يرى أن ضم الصرب أمر لا محيص منه لمهاجمة الأفلاق والمجر.
ولذا قام السلطان محمد الثاني الفاتح بقوة كبيرة إلى بلغراد للقضاء نهائيا على الصرب، ولتهديد المجر في وقت واحد. ولكن إذا كان السلطان لم يفلح في الاستيلاء على مدينة بلغراد إلا أن خصمه العنيد هونيادي مات بعد وقت قصير، وقرر مصير برانكوفتش والصرب نهائيا. فلقد أسر ذلك الأمير وسجن، وترك الإمارة لزوجته إيرين وابنه فقام النزاع بينهما إلى درجة أن الابن رفض أن يفتدي أباه من الأسر، ثم ماتت إيرين، ودفع ابن برانكوفتش الجزية، ولكنه لم يكن مخلصا لا لرعاياه ولا للسلطان! ثم فارق الحياة، فقام نزاع شديد على تولي الإمارة، وقرر السلطان وضع حد لهذه الفوضى فضم الصرب إلى الدولة نهائيا في سنة 1459م، فأصبحت مجرد بشاليق، تركي، وانتهى بذلك تاريخ آخر إمارة صربية في العصور الوسطى، وظلت الصرب هكذا جزءا لا ينقسم من الدولة العثمانية إلى أوائل القرن التاسع عشر حتى أيقظتها الثورة الفرنسية وحروب نابليون إلى طلب الحكم الذاتي والاستقلال.
العلاقات العثمانية المجرية في عهد محمد الفاتح
Неизвестная страница