Избранные листы из представительской поэзии у греков
صحف مختارة من الشعر التمثيلي عند اليونان
Жанры
مع أن النصوص التاريخية التي تشير إلى نشأة هذا الفن قليلة غامضة، فمن اليسير أن نتخذ لنا من هذه النشأة صورة واضحة بعض الوضوح إذا أبحنا لأنفسنا شيئا من التدبر والاستنباط.
الدين اليوناني هو الذي أهدى هذا الفن إلى الأمة اليونانية؛ فإن لكل إله من آلهة اليونان حياة خاصة لقي فيها من ضروب الخير والشر ومن صنوف النعيم والبؤس ما حببه إلى الشعب وأقام له في نفسه مكانة ما. وقد كان اليونان إذا عبدوا آلهتهم حرصوا كل الحرص على أن يظهروا تأثرهم بما ملأ حياة الآلهة من خطوب فيفرحون لما نالهم من نعيم ويحزنون لما أصابهم من شقاء، وكانوا لا يكتفون باستشعار الفرح والحزن في نفوسهم، بل يظهرون ذلك إظهارا ويشتركون فيه اشتراكا.
وأوضح طريق تخيلوها لإظهار ما يسرهم أو يحزنهم من حياة الآلهة وما عرض لهم فيها من خطب، إنما هي تمثيلهم هذه الحياة وما اشتملت عليه في أطوارها المختلفة. ذلك هو مصدر كثير من الحفلات التي كان يقيمها اليونان لآلهتهم وأبطالهم من حين إلى حين. ومن هنا نشأ فن التمثيل.
كانت الأساطير تحدث اليونان بأن أبلون مثلا حينما وصل إلى دلف قتل حية تسمى بيثون رميا بالسهام، فكانوا إذا أرادوا إعلان مجد الإله وما كان له من فوز وظفر مثلوا هذه الحادثة من حين إلى حين. وكانت الأساطير تحدثهم بأن أبلون بعد ظفره قد أعلن فرحه وابتهاجه فجمع إليه القيان من آلهة الشعر والموسيقى بالقرب من أعين جارية وأشجار مورقة في سفح البرناس، فأخذ يوقع على قيثارته وهن من حوله يتغنين ويرقصن ويلعبن ضروبا من اللعب، فمثلوا ذلك وأقاموا من وقت لوقت حفلات موسيقية تسابق فيها المغنون والموقعون، وقدرت الجوائز لمن فاز منهم بالسبق. على أن إلهين اثنين أثرا في نشأة التمثيل أثرا خاصا: هما ديونوزوس إله الخمر ودمتير آلهة الخصب. كلاهما امتلأت حياته بكثير من الخطوب المحزنة والسارة ، كلاهما مازج الشعب وخالطه في حياته اليومية، وكلاهما كان في نفس الشعب رمزا لما ينال الطبيعة في فصول السنة على اختلافها من نضرة وبهجة حينا، ومن ذوي وذبول حينا آخر. وكلاهما شغف اليونان بعبادته وتمثيل حياته في طور خاص من أطوارهم السياسية والاجتماعية، هو طور النزاع العنيف بين طبقة الديمقراطية والأرستقراطية الذي بدأ في أواخر القرن السابع وأوائل القرن السادس قبل المسيح.
في هذا العصر كان العقل اليوناني قد رقي رقيا ما، فظهرت حكمة الحكماء وأمثالهم من جهة، وأحس الشعب وجوده وشخصيته من جهة أخرى، وأحس إلى جانبهما سوء حاله من كل وجه، وحسن حال الأرستقراطية. فأخذ يطالب بحقه شيئا فشيئا، وكثيرا ما كان يدركه اليأس والفشل لقوة الأرستقراطية والطغاة وتمكنهم من كل شيء، سواء أكانت قوة سياسية أم قوة اجتماعية واقتصادية. فكان الشعب ينتهز فرصة هذه الحفلات الدينية ليلهو ويلعب ملتمسا في هذا اللعب وذلك اللهو عزاء عما كان يملأ حياته من بؤس ويثقله من سوء حال، مستفيدا مما كان يبيح الدين له من الإغراق في الأكل والشرب والاستمتاع بلذة الحياة المادية، فكان يأكل فيسرف، ويشرب فيفرط وتأخذه نشوة هذا الإسراف والإفراط فيتغنى ويرقص، ثم لا تكاد تتألف جماعاته للحفل بالإله وتمثيل حياته المحزنة أو السارة حتى يملكه السكر ويأخذه شيء من الذهول فينسى حياته الحقيقية وما فيها من شقاء.
في هذه الحفلات التي كانت تقام إكراما لديونوزوس ودمتير عنى بعض الشعراء الغنائيين بتناول بعض ما عرض لهما من صروف الحياة فنظم فيه الشعر، وكان يجمع إليه طائفة من الناس يلقنهم الأبيات ملؤها الحزن والشكاة يرددونها من حين إلى حين، يقطعون بها ما كان يلقى من شعر يبسط فيه ألم الإله أو لذته. وكان هؤلاء الناس الذي يسمون «الجوقة» في حفلات ديونوزوس يرتدون جلود المعز
1
تمثيلا لرفاق هذا الإله. فسمي هذا الغناء غناء تراجيديا وكان أول مظهر من مظاهر التمثيل.
7
ظهر هذا الغناء التراجيدي في شمالي بيلوبونيسوس آخر القرن السابع وأول القرن السادس قبل المسيح. ويذكر مؤرخو الآداب اليونانية شاعرا من مدينة سيكيون يردون إليه فضل اختراع هذا الفن، واسمه أبجنيس، ولكنهم لا يعرفون من أمره شيئا. ومما لا شك فيه أن هذا الشاعر وغيره من شعراء بيلوبونيسوس لم يتجاوزوا بالتمثيل هذا الطور الذي وصفناه، ولم يزيدوا على هذا الغناء التراجيدي شيئا؛ لهذا كانت أتيكا مهدا للتمثيل؛ فإنه قد ولد فيها ونشأ وما زال يرقى ويستحيل شيئا فشيئا حتى وصل إلى ما وصل إليه من الرقي في القرن الخامس قبل المسيح.
Неизвестная страница