Суфизм: его возникновение и история
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Жанры
ويقال إن معتقد «وحدة الوجود» لعب الدور الأساسي في هذا الصدد، والذي قد رأيناه في الفصل الثاني ينشأ في الأساس من تعاليم ابن عربي (المتوفى عام 1240). وفي السياق الهندي، ربما كان هذا المعتقد أداة تمكين للوحدة الاجتماعية، جعلت المسلمين والهندوس يعتقدون أن آلهتهم وممارساتهم المختلفة تمثل جزءا من وحدة كونية أكبر.
62
على الرغم من صعوبة معرفة كيفية إثبات هذا التعميم، فإن معتقد وحدة الوجود مكن كثيرا من الشعراء المسلمين (ومستمعيهم) من تخيل أنفسهم يدخلون المعابد ويسجدون أمام تماثيلها، وحيث إنه من الممكن أن نعزو هذا الدور الأيديولوجي إلى هذا المعتقد في الهند، فإن الدعم الذي تمتع به هذا المعتقد أيضا في الإمبراطورية العثمانية التي تشبه الهند في تعددية الأديان كان له أثر كبير. إلا أن هذه التسوية بين أعضاء الجماعات الدينية المختلفة لم تكن ناتجة عن الفكرة فحسب، بل كانت ناتجة أيضا عن الوسيلة؛ فيجب ألا نقلل من الدور الذي لعبته اللغة الفارسية في تمكين نشر المصطلحات الصوفية بين الجماعات المختلفة التي اطلعت على ثقافتها الأدبية في الهند المغولية؛ حيث كانت الفارسية تروج بين كل الجماعات المرتبطة بالدولة، بما في ذلك الكثير من الهندوس من طبقات الكتاب الذين مثلوا دعامة البيروقراطية المغولية.
63
وبعيدا عن الفارسية، فقد رأينا بالفعل كيف أدى إضفاء الطابع المحلي على التعاليم الصوفية إلى انتشارها، ولم يختلف الأمر في الهند. وفي حالة شعراء البنجاب، أمثال شاه حسين (المتوفى عام 1599)، وسلطان باهو (المتوفى عام 1691)، وبلهى شاه (المتوفى عام 1757)؛ وشعراء السند أمثال شاه عبد اللطيف (المتوفى عام 1752)، شهدت فترة المغول انتقال المصطلحات الصوفية إلى المستوى الريفي، تلك التي كانت حكرا إلى حد كبير على الطبقات الحضرية قبل القرن السادس عشر.
64
وهذا الانتشار الريفي لم يقدم الأفكار الدينية فحسب إلى الجمهور الريفي، بل قدم أيضا آليات التحكيم والسيطرة؛ حيث أصبح الصوفيون دعائم مهمة للنظام الاجتماعي الريفي، سواء فيما يتعلق بتعنيف ووعظ مخالفي القانون، أو تسوية النزاعات، أو تعليم السلوك اللائق. وعلى الرغم من أن الصوفيين في الهند المغولية لم يكونوا قريبين على الإطلاق من الدولة كما حدث في عهد الإمبراطورية العثمانية، وحتى إن كانوا بعيدين جدا عنها، فقد حافظوا كثيرا على النظام والتناغم الاجتماعيين في الهند.
65
وعلى الرغم من أنه كان يوجد الكثير من الصوفيين الفقراء الذين عاشوا على هامش المجتمع والدولة أيضا، فإنه لن يكون من المبالغة القول بأن الصوفية في الغالب كانت إلى حد كبير جزءا من المؤسسة المغولية الحاكمة.
نرى تشابها مهما آخر بين علاقة الصوفيين بالدولة في الأراضي العثمانية والأراضي المغولية، في الدور الذي لعبه الصوفيون في توسيع الحدود الإمبراطورية. لقد رأينا بالفعل أهمية الصوفيين «المستوطنين» في التوسع العثماني في جنوب شرق أوروبا والشام، وفي الهند المغولية كانت توجد عملية مشابهة. ولم تكن العملية نفسها بجديدة على الهند؛ فقد ساعد الصوفيون في توسيع رقعة الاستيطان الإسلامي على طول سهل نهر الجانج الخصب طوال فترة سلطنة دلهي (1206-1526)، سواء في صورة ساكني الحدود الذين يساعدون أنفسهم أو عن طريق حصولهم على الأراضي الممنوحة من السلطان.
Неизвестная страница