Суфизм: его возникновение и история
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Жанры
1
بالرغم من ذلك، من الممكن أن يكون ابن تيمية نفسه من الصوفيين، وقد كان من محبي عبد القادر الجيلاني (المتوفى عام 1166)، الذي كان أعظم صوفي في بغداد.
2
أما الانتقادات التي وجهها الآخرون، فكانت على الأرجح حالات هجوم «شخصي» على صوفيين بعينهم، وليست على مجموعات متحدة من الصوفيين في العموم، وكانت الانتقادات في شكل هجوم من قبل مسلمين معينين (غالبا ما كانوا صوفيين) على مسلمين معينين آخرين.
على الرغم من أنه في أحيان قليلة جاءت حالات الهجوم تلك من جهات مؤثرة بدرجة كافية على نحو يمكنها من استخدام سلطات الدولة (كما في حالة إعدام شهاب الدين السهروردي في حلب عام 1191)، فقد شهدت فترة العصور الوسطى في أغلب الأحيان ممثلين للدولة يدعمون بقوة الصوفيين والمؤسسات الصوفية. وإلى حد كبير، فإن النفوذ الهائل الذي تحقق للصوفية جاء من خلال تحالف ممثليها مع السلطنات الإقليمية التي كانت شرعيتها معتمدة على الدعم العام للإسلام؛ وأدى هذا إلى استثمار كبير في الأضرحة والمساكن الصوفية، جعل الصوفية طوال فترة العصور الوسطى راسخة مكانيا في المدن والقرى، بدءا من ساحل أفريقيا المطل على المحيط الأطلنطي، حتى خليج البنغال. وإذا كان انتقاد صوفيين معينين جزءا من إيقاع الجدل الديني في فترة العصور الوسطى، فإنه لم يكن يوجد هجوم كامل على الصوفية، وما كان يمكن أن يوجد هجوم؛ لأن «الصوفية» لم يكن لها وجود محدد كفئة بالمعنى المعاصر، وهذا يعني أن مهاجمة الصوفية ككل ستكون هجوما على الإسلام نفسه؛ ومن ثم فمن المهم أن ندرك أن الصوفية إلى حد كبير جدا كانت تمثل صورة الإسلام في فترة العصور الوسطى؛ أي إسلام الأولياء والمعجزات المدعوم ليس فقط بالجهود الفكرية المقدمة من العلماء، وإنما أيضا بالحماس الشديد تجاهه من قبل رجال القبائل. وبالرغم من الاستخدامات المعتادة لمصطلح «الصوفية» من قبل الأكاديميين والناشرين، فإن مصطلح «الإسلام الصوفي» أكثر فائدة على الأرجح منه.
على الرغم من أنه سيكون من التبسيط المخل تقديم مسار واحد للمصائر التي لاقتها الصوفية في المناطق المختلفة تماما، التي انتشر فيها ذلك «الإسلام الصوفي»، فإنه من الممكن ملاحظة حدوث تطورات معينة شائعة أو واسعة النطاق في القرون ما بين القرن الخامس عشر والقرن التاسع عشر. وإلى حد كبير، تتعلق هذه التطورات بتغيرات كبرى في العلاقة بين الصوفية والدولة، وكانت هذه التغيرات نفسها معتمدة على ظهور أنواع جديدة من الدول المنتمية لأوائل العصر الحديث، التي كانت أكثر بيروقراطية ومركزية وثقة في سلطتها. ومع التداول السريع للحكم بين الأسر الحاكمة في قرون غزو القبائل في الفترة ما بين القرن الثاني عشر والقرن السادس عشر تقريبا، لم تكن سمة تفاعلات الدولة مع الدين التقلب فحسب، بل كانت هذه التفاعلات أيضا مؤيدة في الغالب لاستقلال الطبقات الدينية؛ لأن الأسر الحاكمة القبلية الوافدة حديثا سعت إلى اكتساب الشرعية من خلال رعايتها للصوفيين، الذين كانوا يتمتعون بتأثير كبير على الشعب. وبالإضافة إلى استخدام هبات «الوقف» التي ضمنت استمرار هذا الاستثمار في دعم العائلات الصوفية عبر الأجيال في المستقبل، فقد كان أثر ذلك من الناحية العملية أن كانت المؤسسات الصوفية أكثر استقرارا في الغالب من مؤسسات الدولة؛ فقد كانت هذه الأسر الحاكمة القبلية تعتلي سدة الحكم وتسقط من الحكم بقصورها وسياساتها في تعاقب سريع، إلا أن الأضرحة والمساكن التي منحتها للصوفيين استمرت بعد رحيل تلك الأسر لتكون السمة الأكثر ديمومة على الصعيدين المادي والاجتماعي. ومن خلال العمارة المهيبة والمعمرة في أغلب الأحيان لأضرحة الصوفيين، اكتسبوا نوعا من الخلود الحجري؛ إذ تحولت أجسادهم إلى أحجار الأضرحة التي أصبحت جزءا دائما من المناطق الحضرية والريفية التي عاش ومات فيها المزيد من المسلمين الفانين.
في ضوء هذه الخلفية، ليس من العجيب انتشار فكرة أن الصوفيين هم الحكام الحقيقيون للمناطق المحيطة بأضرحتهم؛ لأن «ولاية» الولي تعني أيضا سلطته الروحانية على النطاق أو «الولاية» الإقليمية خاصته، وقد اتضحت هذه الأيديولوجية في العديد من الأعمال السردية التي تصف الأولياء وهم يمنحون ممالك للسلاطين الذين كانوا مجرد حكام مرئيين لهذه الممالك. وتظهر أيضا الاستمرارية النسبية للصوفيين مقارنة بالسلاطين في أمور متعلقة بالسلالة؛ فلقد رأينا بالفعل الطرق الصوفية تدعم نموذج سلسلة نسب الشيوخ؛ حيث يرث كل شيخ البركة والمعرفة والسلطة من أسلافه. وفي ظل عصر كانت فيه سلسلة النسب (سواء المختلقة أو الحقيقية) ضرورية للمطالبة بأي سلطة، سواء سياسية أو دينية، استطاعت أسر الأولياء الكبيرة - التي ظهرت في فترة العصور الوسطى - زعم امتلاك سلاسل نسب لا يمكن انتقادها. واستخدم للإشارة إلى هذه السلاسل المصطلحات نفسها التي استخدمها السلاطين؛ إذ يمكن استخدام المصطلح الصوفي «سلسلة» للإشارة إلى «سلالة» ملكية ودينية على حد سواء. وقد لعبت الأسر والطرق الصوفية الكبيرة - التي ظهرت في فترة العصور الوسطى، واتسمت بالثراء بسبب ممتلكاتها، وأثارت خشية الناس بسبب قدراتها الغريبة - أدوارا محورية في مجتمعاتها؛ فقد كانوا، باختصار، طبقة متحكمة ذات نفوذ واسع. وكما هو الحال مع كل الطبقات أصحاب النفوذ، فقد كانوا يحافظون على مكانتهم من خلال مكانهم المحوري في شبكة العلاقات التي ربطتهم بأتباعهم في كل قطاعات المجتمع.
سنرى في هذا الفصل التخلي التدريجي عن هذه الأوضاع القديمة؛ نظرا لظهور كيانات دولية أكبر وأكثر نجاحا، سمح طول بقائها وسيطرتها الأكثر فاعلية على مواردها بفرض تغييرات مؤسسية في الهياكل الدينية لمجتمعاتها على مدار فترات أطول. وعلى الرغم من أن كل إمبراطورية من الإمبراطوريات التي ظهرت في أوائل العصر الحديث طبقت هذه السياسات لأهداف مختلفة، فإنها في كل حالة أحدثت تغييرا في العلاقة بين الصوفيين والدولة. وأدت هذه التغييرات، التي كانت مصحوبة في الوقت نفسه بتقوية الروابط بين الدولة والمجتمع، التي كانت ضعيفة في السابق مقارنة بالروابط بين الصوفيين والمجتمع، التي كانت أقوى في السابق؛ إلى تحول تدريجي في ميزان القوة بين النخب الدينية والنخب الحاكمة، ولم يضعف هذا بالضرورة الصوفيين؛ لأنهم، كما سنرى، أصبحوا في حالات كثيرة أكبر المستفيدين من السيطرة الأكثر كفاءة للدولة على مواردها. ونظرا لأن هذه الموارد تضمنت توظيف أعداد أكبر من الموظفين الحكوميين، فسنرى في سياقات عديدة أن الطرق الصوفية أصبحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بسلطات معينة في الدولة. ونرى أحد الأبعاد المهمة لهذه العملية في تزايد دور الصوفيين في سكن الحدود؛ حيث لعبوا دورا كبيرا في توسيع الأراضي الجديدة الواقعة على أطراف نطاق سيطرة الدولة واستيطانها. ولم يحدث ذلك فقط على الحدود في فترة العصور الوسطى، مثل جبال جنوب شرق أوروبا وغابات البنغال، بل امتد في ذلك الوقت نحو الحدود الجديدة الآخذة في الاتساع في أفريقيا وجنوب شرق آسيا؛ نظرا لأن الدول الإسلامية الجديدة التي ظهرت كسماسرة للتجارة العالمية المزدهرة في الذهب والتوابل والرقيق استخدمت الصوفيين كمستوطنين ومديرين لأراضيهم الجديدة؛ ومن ثم، إذا كانت الصورة الجديدة تتمثل في تغيير مكانة الصوفيين بين الدولة والمجتمع أكثر من كونها تحولا بسيطا في المصائر، فإنها شهدت دخولهم في علاقات جعلتهم أكثر اعتمادا على الدول، وأكثر تأثرا بالتغيرات في سياسات أو مصائر الدول المرتبطين بها في نهاية المطاف.
في الصفحات التالية، سوف نتتبع الدور المتناقض الذي لعبته الصوفية في الإمبراطوريات والسلطنات الإقليمية البارزة في فترة أوائل العصر الحديث، من خلال فحص الطرق التي من خلالها كانت الصوفية لهذه الدول وسيلة لتحقيق السيطرة العقائدية، والترابط الاجتماعي، والتوسع الإمبراطوري، وفي الوقت نفسه وفرت سبلا للتحريض على التمرد وتحديد نطاق الانقسامات. أول نسق عام نستنتجه هو استخدام الأفكار الصوفية والصوفيين كموارد لبناء الدولة، وأوضح تمثيل لهذا النسق نجده في استخدام أنماط السلطة الصوفية من قبل الحكام، واستخدام أنماط السلطة السياسية من قبل الصوفيين. ونظرا لأن الأباطرة أنفسهم سعوا إلى تقديم أنفسهم في صورة صوفيين، فربما من الجائز قول إن القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر شهدا أعلى ذروة للتأثير الصوفي حتى وقتنا الحاضر؛ حيث اقترضت اللغة الإنجليزية كلمة
sophy (المأخوذة من اسم الطريقة الصفوية)، وتسربت هذه الكلمة حتى إلى معجم شكسبير ومؤلفي مسرحية «رحلات الإخوة الإنجليز الثلاثة»، واستخدمت كلقب للملوك الفرس، وليس للشخصيات الدينية. إلا أن هذا النجاح الكبير انطوى على الحاجة إلى التقليل من تأثيره؛ لأن الأشخاص الموجودين خارج زمر الصوفيين أصحاب النفوذ قلقوا من اطلاعهم على الموارد المالية للدولة ومعارفها؛ لذلك مع مرور الوقت أصبح هذا التواطؤ بين السلطة السياسية والسلطة الصوفية يعتبر ذا نتائج عكسية، بل مهددا أيضا لاستمرارية سلطة الدولة على المدى الطويل مقارنة بالاستيلاء الأصلي على السلطة، واتضح ذلك الأمر من خلال تزايد قدرة دول معينة على تكوين نموذج ل «العقيدة الإسلامية الحنيفة» وفرضه على مواطنيها.
Неизвестная страница