Судан
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Жанры
ولو كانت الحكومة الإنكليزية لا تريد شيئا من السودان فلماذا أرسلت الكولونيل ستيوارت في بعثة خاصة إلى تلك البلاد ليقدم تقريرا عن سير الأمور فيها. لم تكن هناك حاجة إلى مثل هذه البعثة لو أن التصريح كان صادقا.
أما فيما يختص بتعيين هيكس باشا فإن ما وقع هو كما يأتي:
بدأت الثورة المهدية قبل احتلال القوات البريطانية مصر، وكان عبد القادر باشا معينا حاكما عاما للسودان قبل هذا الاحتلال، وبوجود القوات المحلية تحت أمره استطاع أن يهدئ البلاد تقريبا، ولم يكن في أيدي المهدي من البلاد إلا كردفان. فلو أنه أمد بخمسة عشر ألف رجل من جيش هيكس باشا زيادة على القوات المحلية لأمكنه دون أدنى ريب أن ينتهي بحملته على الثورة على أتم نجاح.
بعد ذلك جاء الاحتلال الإنكليزي لمصر، وعلى أثره اضطرت مصر إلى استدعاء قائدها المنتصر الذي هو أحد أبنائها، والذي كان على وشك إنقاذها من إحدى الأزمات البليغة التي حاقت بها بدون حاجة إلى معونة أي عنصر أجنبي.
وحل محل القائد المصري قائد آخر إنكليزي وأركان حرب من الضباط الإنكليز. فهل يمكن جديا قبول هذه الحقائق على أنها حدثت من غير تدخل الحكومة الإنكليزية.
وبفرض أنه كان من الضروري وجود قائد إنكليزي ومعه أركان حرب من الضباط الإنكليز على رأس الجيش السوداني، فلماذا لم يفعل هذا قبل الاحتلال الإنكليزي لمصر.
والبرقيات التالية التي قرأتها في كتاب «خراب السودان» لمؤلفه هنري روسل في الصفحتين 36 و37 تؤيد وجهة نظري.
الصحيفة العاشرة في الملف رقم 197 - برقية من الجنرال هيكس إلى السير: أ. ماليت
الخرطوم في 23 يوليو سنة 1883
أرسلت اليوم إلى ديوان الجهادية استقالتي من مركزي في الجيش السوداني. ولقد فعلت ذلك وأنا متأسف، ولكني لا أستطيع القيام بأعباء حملة أخرى تحت هذه الظروف التي تشبه الظروف السابقة. سليمان باشا يقول لي إنه لا يفهم من برقية رئيس المجلس المؤرخة في 14 يوليو أنه ملزم بتنفيذ آرائي فيما يختص بنظام أو كيفية زحف أو هجوم الجيش الذي يستعد للتقدم نحو كردفان ما لم يوافق هو عليها. وهو يقول إنه لو نفذ آرائي من غير أن يوافق عليها فسيكون بذلك قد عمل في الواقع عكس التعليمات «التي صدرت إليه». ولما كانت أفكاري وأفكاره قد تضاربت في الحملة الأخيرة، وستكون أكثر من ذلك في حملة كردفان فلست بمستطيع تجاه ذلك إلا أن أستقيل. وفي الأيام الأخيرة في مناسبتين هامتين أهملت وجهات نظري.
Неизвестная страница