Судан
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Жанры
وفي بورسودان حدثت مظاهرات وحكم على قائدي المظاهرة وهم: علي ملاسي، بالسجن لمدة ثلاث سنوات لإلقائه خطابا باللغة الهدندوية واللغة العربية، واتهم بالتحريض على المظاهرات والعصيان، وحكم بحبس كل من وهبة إبراهيم «من أقباط السودان» بمصلحة البوسته، ومحمد عبد المنعم زايد بالسكة الحديد، وأحمد صبري زايد بالجمارك، «وهما مصريان ولدا في السودان»، وعبيد صالح إدريس بالجمارك، وقبض على صالح عبد القادر وكيل جمعية اللواء الأبيض ببورسودان.
تنبهت الحكومة إلى حركة الجمعية ونشاطها، وبثت العيون والأرصاد لمنع استفحال أمرها. ومن ذلك القبض على أعضاء الجمعية البارزين وسجنهم ومحاكمتهم بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم. وذلك في شهر أغسطس سنة 1924. (1) عصيان من طلبة المدرسة الحربية بالخرطوم
كان عدد طلبة المدرسة الحربية السودانية بالخرطوم 60 طالبا، وكان قومندان المدرسة البكباشي بيز واليوزباشي حسن حسني الزيدي «مصري» - الآن قائمقام. - وقومندان الأورطة الثامنة - والمدرسون عبد الرحمن فهمي وإبراهيم شعبان، وهما مصريان، والملازم أول إبراهيم محمد حسن وهو ضابط «سوداني».
في الساعة السابعة صباحا يوم 9 أغسطس سنة 1924 خرج طلبة المدرسة في مظاهرة عسكرية مسلحة، وطافوا بثكنات الجيش المصري بالخرطوم، هاتفين بحياة الملك فؤاد وسعد باشا وعلي عبد اللطيف.
وعندما علمت الحكومة بأمر المظاهرة، صدرت الأوامر إلى الأورطة الإنكليزية المعسكرة في الخرطوم، بمحاصرة المدرسة والاستيلاء على الجبخانة.
فلما عاد الطلبة إلى المدرسة الساعة الحادية عشرة صباحا أمرهم اللواء مكاون باشا قومندان قسم الخرطوم بتسليم أسلحتهم. فأبوا تسليمها. وتوسط آباؤهم فحملوهم على تسليم السلاح. فسلموه وقبضت الحكومة على ستة طلبة اتهموا بقيادة المظاهرة والتحريض عليها، وأودعوا سجن ثكنات الجيش المصري، حيث كانت الأورطة الرابعة منه معسكرة بالخرطوم.
وقبض على سبعة من تلامذة الصفوف، وأودعوا سجن قسم الأشغال العسكرية بالخرطوم بحري. وصدرت الأوامر لبقية الطلبة بالعودة إلى دروسهم. ولكنهم لم يذعنوا. وشرطوا لعودتهم الإفراج عن زملائهم. ودخلوا بالمدرسة، ولكنهم استمروا مضربين عن تلقي دروسهم. وكانوا ينادون بهتافات مختلفة. واستمر الحال على هذا النحو عشرين يوما، ثم نقلوا إلى باخرتين نيليتين أمام كلية غوردون رستا في وسط النهر بعيدا عن الشاطئ تحت حراسة بولوك من الأورطة الثالثة المصرية حتى أواسط سبتمبر. ثم أودعوا السجن العمومي بالخرطوم بحري. وأفرج عن بعضهم بغير محاكمة، وحكم على الباقين كل بالسجن لمدة ست سنوات في يوم 11 نوفمبر سنة 1924. (2) الهياج في السجن في 24 نوفمبر سنة 1924
وفي 24 نوفمبر سنة 1924 حصل هياج في السجن؛ ذلك أن طلبة الحربية أودعوا سجن «كوبر» بالخرطوم مع المعتقلين السياسيين والعاديين. وقد طبقت عليهم لائحة السجون، ومنها إعطاؤهم طعام السجن وخبزه، فأضرب الطلبة عن ذلك الطعام، وطلبوا أن يقدم إليهم طعام مدرستهم كما كان الحال في أثناء اعتقالهم في السفن وقبل الحكم عليهم. فرفضت إدارة السجن طلبهم. وكانت الأغلال محكمة في أرجلهم وأرجل المعتقلين السياسيين. وقد حاولت إدارة السجن أن تضع الأغلال في أيدي الطلبة الحربيين علاوة على أرجلهم عقابا لهم على عدم إذعانهم للائحة السجن فهاجوا وتمردوا وكسروا الأبواب وهي من الخشب، بواسطة الجرادل الموضوعة في الزنزانات للشرب ولقضاء الحاجة، وكان ذلك صباحا عقب اغتيال السير لي ستاك بالقاهرة. فلما تسامع المعتقلون السياسيون الخبر وسمعوا الصياح فعلوا مثلهم وانضموا إليهم. وخرج الجميع هاتفين متظاهرين في ساحة السجن. فأغلق حراس السجن أبواب السجن الخارجية، وانتشروا في أعلى السور، وحضرت قوة من الجيش الإنكليزي حاصرت السجن وكسر المسجونون السلاسل والأغلال وورش السجن، واستولوا على أقمشة السجن واستعملوه في اللباس وفي غطاء الرأس وفي الالتحاف. والتجأوا في إعداد إطعامهم إلى مخزن علف البهائم، وصنعوا من ذرته بليلة كانت غذاءهم لمدة تسعة أيام.
وكان الطلبة المسجونون يتصلون بجنود الجيش المصري وضباطه الذين كانت ثكناتهم على مقربة من السجن، بواسطة إشارات الرايات العسكرية، وكانوا يعلمون أخبار المدينة بهذه الطريقة كما كان يعلم الجيش المصري أخبار المسجونين، وقد صادرت القوة الإنكليزية عربة كانت مرسلة من الضباط المصريين إلى المسجونين، وكانت تحمل إليهم صنوف الغذاء.
وقد يئس المسجونون عندما علموا بمقتل السردار، وأمر الجيش المصري بإخلاء مواقعه والعودة إلى مصر وتنفيذ الأمر، فأذعنوا وصاروا مكبلين بالأصفاد في أيديهم وأرجلهم، ثم نقل من بينهم عشرون مسجونا إلى ثكنات الجيش الإنكليزي بالخرطوم، وهم الذين عدوا زعماء للثائرين، الذين كان عددهم 80 مسجونا سياسيا مضافا إلى 58 من طلبة المدرسة الحربية و137 من المسجونين العاديين المحكوم عليهم بعقوبات لارتكابهم جنايات.
Неизвестная страница