Египетский Судан и амбиции британской политики
السودان المصري ومطامع السياسة البريطانية
Жанры
بك عن السودان يقول: «يستطيع السائح الأوربي أن يطوف هذه البلاد - التي تعادل مساحتها فرنسا وألمانيا وإنكلترا معا - وهو في أمن وراحة قد لا يلقاها المتنزه في هيدپارك - حديقة لندن الكبرى - إذا تأخر فيها مساء. أما الأهالي فلينو العريكة مطواعون لحكومتهم» فماذا غير هؤلاء في 20 عاما؟ وكيف اتقدت ثورتهم والثورة العرابية بوقت واحد؟ ذلك سر - يقول جميع المؤرخين - مفتاحه بيد الإنكليز، ومما قال شايه لونغ بك الذي انتدبه إسماعيل باشا لبسط حماية مصر على الأوغندا، وإبرام المعاهدة مع ملكها «متزه» في كتابه «مصر وأملاكها الضائعة»: «إن إدارة غوردون وباكر هي التي أغضبت السودانيين وأثارت ثائرتهم، ولا شك ولا ريب بأن إنكلترا تركت النار تتقد؛ ليكون لها فيه مبرر لإخراج مصر والحلول محلها، ولكنها لم تدبر الثورة المهدية» فالسودان هاج لإلغاء الرقيق واحتكار سن الفيل ولشدة الموظفين، ولكن هياجه كان محليا فقابلت إنكلترا ذلك بملء الارتياح، ولعبت بعقل عرابي حتى سحب الجيش من السودان فلم تبق هناك قوة ما، وقد أثبت الجنرال ونجت هذه الأسباب الثلاثة في كتابه: «المهدية والسودان» ولكن مصر ظلت قادرة على إخماد الفتنة بعد سنة 1882 لولا أن الإنكليز أرسلوا رجالهم ليتولوا الأمر فكتب هوبار باشا إلى التيمس في 3 فبراير 1885 يقول: «والآن صارت ثورة السودان حربا دينية يقوم بها المسلمون ضد المسيحيين الذين مدوا يدهم لامتلاك هذه البلاد» ولكن موظفي الاستعمار ظلوا على نغمتهم بأن الثورة ناجمة عن ظلم الموظفين المصريين، ولما أرسل عبد القادر باشا في سنة 83 إلى الخرطوم كسر الثوار لأول مرة وسكن جهات سنار ثم كسرهم مرة ثانية وبسم له الفوز في كل مكان على قلة عدد جنوده، ولكن ذلك لم يرق للإنكليز فأشاروا بتعيين علاء الدين باشا حاكما على السودان، وجردوا حملة هيكس برياسة سليمان نيازي باشا الاسمية، وتلقى سليمان نيازي باشا الأوامر بأن يتبع إشارة هيكس، ولكنهم رأوا أن يعزلوه من منصبه لأنه عسكري ومن الممكن أن ينازع هيكس في إرادته، وعينوا علاء الدين باشا الذي لم يكن عسكريا حتى يخضع ويطيع؛ فكانت النتيجة ضياع الحملة كلها، ونهوض السودان كله للثورة حتى كتب غوردون في مذكراته: «عندما أفكر بما ضحي من حياة الرجال في السودان منذ سنة 1880 لا يمكني أن أمنع نفسي عن حب الانتقام من السير أو كلدكولفين والسير أدوار مالت والسير تشارلس ديلك؛ لأنهم هم الذين دبروا ذلك كله»، ويقول سلاتين باشا: إنه تلقى الأوامر في سنة 1883 ليجمع جنوده في الفاشر، وليختار واحدا من سلالة الملوك القدماء هناك فيسلمه البلاد، ويجلو عنها.
لم تكتف السياسة الإنكليزية بذلك بل قضت على مصر بأن تخلي السودان، وزادت على ما تقدم بأن وجود الإنكليز في مصر لازم خوفا على القاهرة من عصابات الدراويش كأن الدراويش صاروا جيوشا منظمة تقهر مصر التي مزقت قبل ذلك بخمسين سنة أقوى الجيوش المنظمة وأمتنها وأكثرها عدة.
حدثت واقعة هيكس يوم وصول أفلن بارنغ (اللورد كرومر) إلى مصر فأبلغ الخديوي أن إنكلترا لا تهتم بالسودان ولا تساعد مصر على البقاء فيه أو استعادة بعض أقاليمه، وشرح اللورد ملنر كلام أفلن بارنغ للخديوي بقوله: «إن الرجل التعب المنهوك القوي الفقير - كما كانت مصر يومئذ - لا يكون له بد من أن يتنازل عن بعض أملاكه مخافة أن يناله الإفلاس» فأجاب الخديوي السير أفلن بارنغ أنه لا يستطيع ترك السودان، وإذا كانت مصر لا تلقى المساعدة لتعزز جيشها فهو يفضل أن يلجأ إلى سلطان تركيا في هذه المساعدة، فأجاب بارنغ: «ولكن على شرط أن لا تدخل الجنود العثمانية مصر وأن تجعل سواكن مركزها» وفي اليوم التالي حمل إلى الخديوي «المشورة والنصيحة بترك السودان» حتى يصبح بلا سيد فتبسط إنكلترا سيادتها عليه، ولما رفضت الوزارة المصرية ترك السودان أكرهت على الاستعفاء، وقال اللورد ملنر: «إن الحكومة البريطانية اتبعت رأي معتمدها وأمرته بأن يبلغ الحكومة المصرية التحتيم عليها بترك السودان حالا، وإذا أبى أحد الوزراء فليستعف، وبذلك كذبنا يومئذ النظرية القائلة بأن سياسة مصر والسودان لا تعنينا.»
وأغرب ما في الحجج التي قدمها اللورد كرومر للخديوي توفيق ليجلي جنوده عن السودان أن حكومة مصر تنفق على السودان 640 ألف جنيه ولا تحصل من السودان سوى 480 ألف جنيه فلا يجوز أن تنفق مصر في السودان في كل عام 160 ألف جنيه، وكانوا يستكبرون تجريد 16 ألف جندي مصري وسوداني لتدويخ السودان، ولكنهم لما صار السودان لهم وجدوا هذا العدد قليلا فزادوه من كل سلاح وهيئة على حساب مصر وعلى نفقة الخزنة المصرية. •••
أما مديريات السودان كما نظمت بعد استعادته واقتطاع أطرافه فهي على الوجه الآتي: (1)
حلفا:
وهي تتناول حلفا والمحس وسكوت. (2)
دنقلة:
وهي تتناول أرقو ودنقلة الأودري والخندق والدبة وكورتي ومروي. (3)
بربر:
Неизвестная страница