إن الفضل الأكبر في نجاح الرجال العظام يعود إلى صبرهم وثباتهم أولا وإلى مواهبهم الطبيعية ثانيا.
فالعبقرية ترتعش أمام الصبر والكد، والمواهب السامية تلقي سلاحها عند أقدام الاجتهاد العظيم؛ ولذلك قالوا: «العبقرية صبر وثبات ونبوغ.»
ألا يعجبك تلميذ يقصر مثل أناتول فرانس ثم لا ينثني عن دخول الامتحان مرات، ويظل مصرا على ذلك سنوات حتى ينال درجته العلمية؟
لا شك في أن زهير بن أبي سلمى هو الذي جعل الشعر العربي فنا بثباته وصبره على تنقيح قصيدته عاما كاملا، ومثل هذا روي عن ديكنز، سئل مرة أن يقرأ على جمهرة قطعة من روائعه فأجاب إنه لا يتلو قطعة على الناس قبل أن يكرر تلاوتها لنفسه يوميا ستة أشهر.
قال شاعر إيطالي: «إن الصبر هو الشجاعة العظمى التي يمتاز بها المنتصر، وهو الفضيلة الكبرى التي يتسلح بها الرجل المجاهد ضد الحظ.» وقد قال المتنبي:
وإن أمرض فما مرض اصطباري
وإن أحمم فما حم اعتزامي
إن هذا الرجل العظيم يعلمنا دروسا كثيرة مفيدة أهمها الثبات، فهو كالسنديانة الجبارة المنتصبة في وجه العواصف لا تنحني ولا تلين، ألم يقل ويا نعم ما قال:
أطاعن خيلا من فوارسها الدهر
وحيدا وما قولي كذا ومعي الصبر
Неизвестная страница