من احترم نفسه اعتمد عليها، أما إذا كان الرجل تكلة فيقضي العمر مغمورا يقنع بالكفاف، والقناعة هنا أحط أخلاق الرجال، وقد قال فيه الطغرائي متهكما:
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا
يحتاج فيه إلى الأنصار والخول
ومن لا يكرم نفسه لا يكرم، هكذا علم - منذ فجر العروبة - الشاعر زهير الذي عده الفاروق أشعر العرب بقوله ومن ومن ومن ... ثم قال بعده صاحب لامية العجم:
وإنما رجل الدنيا وواحدها
من لا يعول في الدنيا على رجل
ثم قال بعدهم شاعر مات في ريعان الشباب هذا البيت العاثر:
لا خير فيمن ليس ذا ثقة
من نفسه أسمعت يا نفسي؟
إن الاتكال على الآخرين آفة من آفات الشرق، وداء من أمراضه القتالة؛ فالابن يظل متكلا على أبيه حتى يوارى في ثرى رمسه، والأب متى شق ابنه طريقه إلى العمل قبع هو في زاوية البيت وإن كان لا يزال قادرا ومستطيعا.
Неизвестная страница