ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين .
ثم نسمع في سورة الرعد:
الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب ؛ فكلمة الإيمان ما وردت قط وحدها لا في القرآن ولا في الإنجيل، الكتابان متفقان على العمل الطيب الذي يقدمه المؤمن، وفي هذا يقول الإنجيل: «ليس كل من يقول يا رب يا رب يدخل ملكوت الله، بل الذي يعمل إرادة أبي الذي في السموات.»
وإذا انتقلنا إلى الحواريين والصحابة، سمعنا يعقوب يقول في رسالته مخاطبا الإخوة: «ما المنفعة إذا قال أحد إن له إيمانا؟ فهل يقدر الإيمان وحده أن ينجيه إذا كان ليس له أعمال؟ إن كان لنا أخ أو أخت عريانين جوعانين، فقال أحدنا لهما: اذهبا بسلام استدفئا واشبعا، فماذا يكون عمل إذا لم يعطهما شيئا؟ إن الإيمان بلا أعمال ميت في ذاته، أنت تؤمن أن الله واحد، حسنا تفعل، والشياطين يؤمنون ويقشعرون؛ فإبراهيم لأجل عمله دعي خليل الله، فبالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده، فكما أن الجسد بدون روح ميت هكذا الإيمان بلا عمل، فالعمل الصالح روح الإيمان.»
والإمام علي - كرم الله وجهه - يقول في هذا: «لقد سبق إلى جنات عدن أقوام ما كانوا أكثر الناس صلاة ولا صياما ولا حجا ولا اعتمارا، ولكن عقلوا عن الله آخر أمره.»
وفي كلمة أخرى يقول: «إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه عملا يقربني إلى الله، فلا بورك في طلوع شمس ذلك اليوم!»
إن كلمة كاهن خائف ربه خطرت لي في هذا المقام؛ جاء هذا الكاهن رجل يعرفه أنه اغتصب بئرا لجاره وتملكها، فقال للخوري: يا معلمي، شربت سهوا في ساعة الظهر أفسد صيامي؟
فأجابه ذلك الخوري، وعيناه في الأرض: رد البئر لصاحبها، واشرب ليل نهار وخطيئتك في رقبتي.
إن الذين يظنون أن هذه الفروض تبررهم هم كثيرون، وأكثرنا يحكمون على الناس بناء على هذه المظاهر التي لم يكن السلف الصالح يقيم لها وزنا، اسمع ما روي عن عمر بن الخطاب: «كان عمر - رضي الله عنه - جالسا للقضاء في الناس فشهد رجل عنده في قضية، فقال له عمر: ائتني بمن يعرفك ويزكيك، فأتاه برجل أثنى عليه خيرا، فقال له عمر: أنت جاره الأدنى الذي يعرف مدخله ومخرجه؟
فقال: لا.
Неизвестная страница