Springs of the Pulpit: A Collection of Sermons and Articles - Volume 1
ينابيع المنبر مجموعة خطب ومقالات المجموعة الأولى
Жанры
وفي الآية الثانية قال سبحانه: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (١٨) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ (١).
أخبر تعالى بفضله ورحمته، برضاه عن المؤمنين إذ يبايعون الرسول ﷺ تلك المبايعة "بيعة الرضوان" التي بيضت وجوههم، واكتسبوا بها سعادة الدنيا والآخرة، وكان سبب هذه البيعة - لرضا الله عن المؤمنين فيها، ويقال لها "بيعة أهل الشجرة" - أن رسول الله ﷺ لما دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه، وأنه لم يجئ لقتال أحد، وإنما جاء زائرًا هذا البيت، معظمًا له، فبعث رسول الله ﷺ عثمان بن عفان لمكة في ذلك، فجاء خبر غير صادق، أن عثمان قتله المشركون، فجمع رسول الله ﷺ من معه من المؤمنين، وكانوا نحوًا من ألف وخمسمائة، فبايعوه تحت شجرة على قتال المشركين، وأن لا يفروا حتى يموتوا، فأخبر تعالى أنه رضي عن المؤمنين في تلك الحال، التي هي من أكبر الطاعات وأجل القربات، فعلم ما في قلوبهم من الإيمان، فأنزل السكينة عليهم شكرًا لهم على ما في قلوبهم، زادهم هدى، وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط التي شرطها المشركون على رسوله، فأنزل عليهم السكينة تثبتهم، وتطمئن بها قلوبهم، وأثابهم فتحًا قريبًا وهو: فتح خيبر، لم يحضره سوى أهل الحديبية، فاختصوا بخيبر وغنائمها، جزاء لهم، وشكرًا على ما فعلوه من طاعة الله تعالى والقيام بمرضاته.
(١) [الفتح: ١٨، ١٩].
1 / 211