162

كما يرى فرويدنتال أن نظرة اسپينوزا إلى الطبيعة كانت مماثلة لنظرة اليهود إلى إلههم، ««فالطبيعة المؤلهة» كانت، كإله اليهودية، أشمل وأكمل موضوع لحبنا، وهي الموضوع الذي نهب له أنفسنا بكل ما نملك، وفي ذلك تكون الطاعة الحقيقية لله، وكذلك خلاصنا وسعادتنا الأزلية.»

41

والمشكلة في هذا كله هي أن معاني اسپينوزا تفسر حرفيا على النحو الذي يخدم أغراض هؤلاء الباحثين، بل إن تعاليم اليهودية ذاتها تزيف؛ إذ ينسب إلى اليهودية، ولا سيما في صورتها التي اتخذتها في العصور الوسطى، اتجاه علمي للتقريب بينها وبين اسپينوزا، الذي يفترض أنه جلب العلم إلى محراب الدين، مع أنه في واقع الأمر قد حول المعاني الدينية، بطريقة بارعة - ومع احتفاظه بنفس ألفاظها وتعبيراتها - إلى معان علمية، وبذلك يكون الأصح أن يقال عنه إنه جلب الدين إلى محراب العلم.

ويرى «برييه» أن توحيد اسپينوزا بين الله أو بين الذهن الإلهي وبين موضوع هذا الذهن لا بد أنه يرجع إلى موسى بن ميمون، أو أحد شراح كتاب «الزهار

Zohar » (أي أصحاب مذهب «القبالة»)، وأن هذه القضية في أصلها أفلوطينية وصلت إليه بتوسط هذه المؤثرات.

42

ومع ذلك فقد رأينا «فرويدنتال» من قبل ينكر أهمية مثل هذه المؤثرات الأفلوطينية، ويؤكد أهمية التأثير اليهودي المباشر. وفضلا عن ذلك فمن الواضح أن فكرة اسپينوزا الحقيقية في هذا الصدد كانت ترمي إلى عكس النتيجة التي تستخلص من كلام «برييه»، وكل ما في الأمر أنه صاغها في لغة تقترب إلى حد كبير من لغة المدرسين. أما «بروشار» فيرى، تمشيا مع موقفه العام في تأكيد الأهمية الأساسية للفكر اليهودي في فلسفة اسپينوزا، أن «إله اسپينوزا هو الإله اليهودي» يهوا

Jehova «بعد إدخال تحسينات أساسية عليه»،

43

وهذا بطبيعة الحال رأي تكذبه كل كلمة قيلت في هذا البحث؛ ومن ثم فلا داعي لتنفيده في هذا الموضع.

Неизвестная страница