التّرْك نقض الِانْدِمَال وَقذف الْجلد حَتَّى يَبْدُو لعين النَّاظر كَذَلِك الْعَيْب من معايب النَّفس إِذا أغفل عَنهُ كامنا حَتَّى إِذا لَاحَ لَهُ وَجه ظُهُور طلع مكتمنه آمن مَا كَانَ الْإِنْسَان لَهُ
ضَرُورَة الصّديق لكشف عُيُوب النَّفس
وَلما كَانَت معرفَة الْإِنْسَان نَفسه غير موثوق بهَا لما فِي طباع الْإِنْسَان من الغباوة عَن مساوئه وَكَثْرَة مسامحته نَفسه عِنْد محاسبتها وَلِأَن عقله غير سَلام عَن ممازجة الْهوى إِيَّاه عِنْد نظره فِي أَحْوَال نَفسه كَانَ غير مستغن فِي الْبَحْث عَن أَحْوَاله والفحص عَن مساوئه ومحاسنه من مَعُونَة الْأَخ اللبيب الواد الَّذِي يكون مِنْهُ بِمَنْزِلَة الْمرْآة فيريه حسن أَحْوَاله حسنا وسيئها سَيِّئًا
ضَرُورَة من يكْشف للرؤساء عيوبهم
وأحق النَّاس بذلك وأحوجهم إِلَيْهِ الرؤساء فَإِن هَؤُلَاءِ لما خَرجُوا عَن سُلْطَان التثبت وَعَن ملكة التصنع تركُوا الاكتراث للسقطات وَتعقب الهفوات بالندمات فاستمرت عَادَتهم على كَثْرَة الاسترسال وَقلة الاحتشام إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم برعت عُقُولهمْ ورجحت أحلامهم ونفذت فِي ضبط أنفسهم بصائرهم فحسنت سيرتهم واستقامت طريقتهم وَمِمَّا زَاد فِي عظم بلائهم باكتتام عيوبهم أَنهم هيبوا عَن التَّعْبِير بالمعايب مُوَاجهَة وَعَن النَّقْص والذم مشافهة وخيفوا فِي إعلان الثلب والعضب والشنع
1 / 88