طلب الْعُلُوّ على الْعَدو
أَن أول مَا يجب أَن يَسْتَعْمِلهُ الْمَرْء هُوَ أَن يطْلب الْعُلُوّ على عدوه فِي كل فَضِيلَة يذكر بهَا إِن كَانَ من أهل الْفضل ويتحرى أَن يقف الْعَدو على ذَلِك ويعلمه مِنْهُ فَإِن ذَلِك مَا يُضعفهُ ويخمد ثائرته وَأَن يحصي عَلَيْهِ معايبه حَتَّى لَا يبْقى صَغِيرا وَلَا كَبِيرا لَا ظَاهرا وَلَا بَاطِنا من عيوبه إِلَّا جمعه ونشره فِي النَّاس وليتوخ فِي ذَلِك الصدْق لِئَلَّا يذهب حَدثهُ وليجتنب الْكَذِب على الْعَدو فَإِن الْكَذِب عَلَيْهِ قُوَّة لَهُ وَأَن يتَصَرَّف أَخْلَاق الْعَدو وشيمة وسجاياه وعاداته ليقابل كل وَاحِد مِنْهَا بِمَا يضاده ويناقضه
وليجتهد فِي معرفَة مَا يقلقه ويضجره فيوكل كل وَاحِد وَبِكُل سَبَب من أَسبَاب ضجره وقلقله مَا يهيجه فَإِن ذَلِك ملاك الظفر وَمن أبلغ أَسبَاب الفضيحة وأصل ذَلِك كُله والمرجع هُوَ طلب السَّلامَة مِنْهُ وَمن مكايده بِكُل مَا أمكن زِيَادَة على طلب النكاية فِيهِ
الْأَدَب
وَمِمَّا ينْتَفع الْمَرْء بِهِ غَايَة الْمَنْفَعَة هُوَ الْأَدَب وأصل الْأَدَب مزايلة الْأَدَب فِي الظَّاهِر
من ذَلِك معرفَة العورات وافتراص العثرات
وعمدة الْأَدَب شدَّة التطلع لما عِنْد النَّاس والحرص على التباعد من أَن يعرف النَّاس مَا عِنْد الْمَرْء
وَمِنْه أَيْضا أَن يقْصد الْإِنْسَان لغير الْمَقْصُود ثمَّ الْمَقْصُود
1 / 30