إجالة الرَّأْي فِي تَدْبيره وعَلى إِنْفَاذه والإمساك عَنهُ إِلَى أَن يتَّجه لَهُ وَجه الصَّوَاب فِيهِ فَإِنَّهُ مَا دَامَ الْأَمر مكتوما كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ فَإِذا ظهر خرج الْأَمر عَن مقدرته
وَفِي كتمان الآراء والتدابير سَلامَة من الْآفَات وَمن آفاتها الْأَعْرَاض الَّتِي تعرض من إذاعتها فَتَصِير مَوَانِع عَن إنفاذها ويعيا ذُو الرَّأْي عَن رَأْيه بِتِلْكَ الْأَعْرَاض وَمِنْهَا ذهَاب جدته وَثَمَرَة رَأْيه ونفاذه فِي جدته وطراته وَمِنْهَا أَن الرَّأْي إِذا ظهر قصد بالمناقضة وَإِذا كَانَ مُحصنا سلم من المناقضة وَلكُل أَمر نقيض
وَمِنْهَا إِن الْمَرْء الَّذِي فِيهِ التَّدْبِير والرأي لَا يفْطن لَهُ حَتَّى يَقع فيبهته وَيرد عَلَيْهِ مَا لَا يحْتَسب وَإِذا ظهر قبل الْوُقُوع قوبل بالتحفظ والتحرز وَبَطل الرَّأْي وَالتَّدْبِير وتعطل الْوَقْت الَّذِي أفنى فِي أَحْكَامه
الْمُشَاورَة
وَلَا بُد للمرء من الْمُشَاورَة مَعَ غَيره فِي آراء وتدبيره فَيَنْبَغِي أَن يستودعها ذَوي النبل وكبير الهمة وَعزة النَّفس وَذَوي الْعُقُول والألباب فَإِن أمثالهم لَا يذيعونها وَإِن يُبَاشر فِي وَقت إفشاء الرَّأْي الْأُمُور الَّتِي يستعان بِمِثْلِهَا على إحكام ذَلِك الرَّأْي من الاستشارة وَالنَّظَر فِي أَخْبَار الْمُتَقَدِّمين وَالِاسْتِمَاع إِلَى الْأَحَادِيث فِي السياسات اللائقة بذلك التَّدْبِير وَأَن يستر وجهده الْأُمُور الظَّاهِرَة المتعلقه بذلك التَّدْبِير الَّذِي يظْهر مَعَ ظُهُورهَا السِّرّ وَيسْتَعْمل مَا يضاد ذَلِك الرَّأْي من غير أَن يظْهر فِي نَفسه حرصا على اسْتِعْمَال الأضداد
1 / 28