اعْتِقَاد الرؤساء الْإِصَابَة وسببها
وَأَن يعلم إِن للرؤساء همما ينفردون بهَا عَمَّن سواهُم من النَّاس وَهِي أَنهم يَعْتَقِدُونَ فِي جَمِيع من دونهم الِاسْتِخْدَام والاستعباد وَفِي أنفسهم الْإِصَابَة فِي جَمِيع مَا يأتونه وَإِنَّمَا تحدث هَذِه الهمة فيهم لِكَثْرَة مدح النَّاس لَهُم وإطرائهم أَعْمَالهم وتصويبهم آرائهم وَذَلِكَ فِي طباع كل النَّاس
الِاحْتِرَاز بالأخبار عَن النَّفس بِحَضْرَة الرئيس
وَأَن يحْتَرز كل الِاحْتِرَاز بِأَن يخبر عَن نَفسه بِحَضْرَة الرئيس شَيْئا يُمكن أَن يتَّخذ ذَلِك بِوَجْه من الْوُجُوه جرما عَلَيْهِ وَإِن كَانَ فِي غَايَة الانبساط مَعَه وَلَا يقر بِمَا يلقى مِنْهُ إِلَى الرئيس مِمَّا يستقبح نِسْيَان بَين الْخَبَر وَالْإِقْرَار وَلَيْسَ يُؤمن تغير الْأَحْوَال
صرف الْقَبِيح عَن الرئيس
وَأما إِذا اعْترض بَينه وَبَين الرئيس حَال لَا يُمكن صرف الْقَبِيح مِنْهُ أَلا إِلَيْهِ أَو إِلَى الرئيس فَقَط فليجتهد فِي صرف ذَلِك الْقَبِيح إِلَى نَفسه وليجعل لذَلِك أوجها فَإِذا اتجه الْقَبِيح نَحوه تبرأت ساحة الرئيس مِنْهُ أَو كَاد أَن يتَّجه فَليَحْتَلْ لِأَن يطْلب لذَلِك الْأَمر سَببا يكون بدؤه من غَيره لترجع اللائمة لعيه وَإِن كَانَ بِالْقَصْدِ الثَّانِي على غَيره لِئَلَّا يلْتَزم باللائمة
ترك الْمَرْء حَظّ نَفسه لعلمه
وَمَا من شَيْء أبلغ وأعم نفعا فِي بَاب الْعُبُودِيَّة من ترك الْمَرْء حَظّ نَفسه فِي جَمِيع مَا يُبَاشر من الْأَعْمَال الرئيسية فَإِنَّهُ مَا من أَمر يتعاطاه الْمَرْء مِمَّا هُوَ بَينه وَبَين الرئيس أَلا ويجد لنَفسِهِ فِيهِ مَوضِع حَظّ فَيَنْبَغِي أَن يتْركهُ ويتجنبه ويستخلص لما هُوَ حَظّ الرئيس فَإِنَّهُ مهما فعل ذَلِك اجتنى ثمره
1 / 17