Арабские народные эпосы и сказания
السير والملاحم الشعبية العربية
Жанры
فالتسمية ترجع إلى الملك الحميري، «أفريقيس بن أبرهة الذي يقال إنه عندما غزا المغرب - شمال أفريقية - متجها إليه من أرض البربر،
10
فرأى بلادا كثيرة الخير، قليلة الأهل فنقل البربر من بلادهم فلسطين إلى مصر، فلما بلغ أفريقيس؛ حيث بلغ من فتوحات أمر ببناء مدينة بتلك الأرض من أفريقيا وبنيت مدينتها وإنما سميت باسم الملك أفريقيس وأما العرب فأسمتها أفريقيا.»
11
والملفت هنا تأكيد الكثير من المصادر، من أن هذه القبائل السامية العربية، هي ما أعطت لقارة أفريقيا اسمها منذ منتصف الألف الثانية قبل الميلاد، حين غزا هؤلاء اليمنيون في عدن وحضرموت والجنوب العربي بعامة، والذين عرفوا بفنيقيي البحر الجنوبي، بلاد الحبشة، ونشروا لغتهم الحجرية التي ما زالت سارية يمكن تلمسها في بقايا الطقوس الدينية للكنيسة الأثيوبية، بل ومتداخلة إلى أقصى حد في لغات ولهجات الكثير من الأقوام الأفريقية، التيجرية والتجرانية والأمهرية والهرورية.
وبالطبع جاء ذلك الغزو العربي السامي الأفريقي، مسوقا ببقايا مأثورات الإدانة الأسطورية للأجناس الأدنى، استنادا إلى هذه الفابيولا النوحية، وابنيه سام وحام، والأخير بسببه أصبح وجه الحاميين أسود، وهي في هذا تلتقي مع أسطورة الكنعانيين أو الأجناس المضطهدة، وترد هذه المأثورات بكثرة في تراث القحطانيين اليمنيين على النحو التالي: فبعد أن عم الطوفان الأرض، قذفت الرياح بسفينة نوح إلى البلد الحرام؛ أي مكة - أم القرى - فطاف بالبيت أسبوعا ثم قال نوح لبنيه، إنكم في حج فاعتزلوا النساء، فجعل نوح النساء بمعزل وجعل دون النساء رمادا وإن حام جاء إلى زوجته المسماة «أذنق نشا» ليلا فوطئها، فلما أصبح نوح ورأى الأثر في الرماد قال: من جاء إلى النساء قالوا لا نعلم من جاء وكتمه حام، فقال نوح: «اللهم سود وجهه، ووجه ذرية من عصى ووطئ امرأته»، فولدت امرأة حام غلاما أسود، فسماه كوشا، فعلم أن الدعوة أدركته، وما يزال المعتقد الشعبي يحفظ هذه الفكرة أو المقولة التي مؤداها أن الكذب يحيل الوجه أسود؛ أي أن حاما عندما كذب على أبيه أو كتم عنه أنه هو الذي عصى ووطئ امرأته جاء ابنه على غير لون آبائه وقبيلته.
وهي فكرة أو موتيفة تواترت بعد ذلك في ملحمة عنترة بن شداد وسيرة بني هلال أو الهلالية؛ إذ إن كلا من هذين البطلين عنترة العبس وأبا زيد الهلالي جاءا على غير لون آبائهما، فكان لونهما أسود، كما أن خطيئة كل منهما واسمها خضرة الشريفة في كلا النصين، هي أنها توهمت خلال حملها بابنها البطل الموعود المرتقب عنترة وأبي زيد، بطائر أسود يضرب على مجموع من الطير ويغلب عليه، وكان أن اضطهد الطفل الموعود المرتقب وانتزع من بين قبيلته وتربى غريبا عند قبيلة أخرى كما حدث مع الملك سيف؛ إذ إنه تساوى مع الحاميين الذين طاردتهم اللعنة، مثلهم مثل الكنعانيين الذين قدم - أول ما قدم - الملك سيف بجيوشه الجرارة من اليمن وحضرموت لقتالهم في بعلبك والبقاع.
ومما لا شك فيه أن الطائر الأسود في كلا النصين طائر الغراب، والغراب طائر مقدس عند كل الشعوب السامية بل الآسيوية.
ومن هنا فإن فكرة الطوفان نفسها المتوارثة من مصدرها الأم عند السومريين والكلدانيين ثم التراث البابلي، إلى أن اكتملت في أسطورة نوح التي جاء بها العهد القديم للطوفان كعقاب والبحث عن أرض جديدة، وإرساء أولى معالم التفوق الجنسي القبلي العنصري.
فلعل أبرز ما تؤرخ له هذه السيرة الملحمية التي يتعاقب فيها الشعر والنثر، هو الامتداد بالصراع بين ابني نوح سام وحام أو بين العرب الساميين، والأفارقة الحاميين، في تلك الحروب القبائلية الطاحنة التي اتخذت من الشام، وبالتحديد منطقة بعلبك والبقاع بلبنان، مرورا بفلسطين ومصر، إلى حيث أفريقيا الوسطى والحبشة والسودان؛ مسرحا للحروب القبلية بدءا من اليمن والجنوب العربي، بهدف إرساء الأفضلية والسيادة للعرب الساميين، على ذوي البشرة السوداء، المتعارف عليهم بالحاميين، انتسابا إلى «حام» بن نوح، ابن اللعنة أو الابن الأسود الأفريقي الطريد.
Неизвестная страница