Арабские народные эпосы и сказания
السير والملاحم الشعبية العربية
Жанры
ثم ما تلبث الابنة المحبة صبيحة أن تنقل أحاسيسها إلى أبيها الملك بدران الذي تستبد به المخاوف من أن يكون هو بذاته سعد، وأنه لم يمت، وفعلا تتحقق هواجس الملك، وتبدأ سلسلة جديدة من الاضطهادات لسعد، تنتهي بهربه وفراره من وجه عمه الشرير الحاقد بدران من بادية الشام إلى أرض مصر، ثم كيف التقى بالمعز لدين الله الفاطمي، فساعده المعز في الانتقام من عمه بدران، وقتله واسترداد عرشه، والزواج من ابنة عمه صبيحة. •••
وبالنسبة للجانب الإنشادي الموسيقي لهذه الملاحم والمدائح العربية، يلاحظ أنه كان يؤدى - قديما - بأسلوب أقرب إلى الأداء الغنائي الأوبرالي، وهو القاسم المشترك لهذه النصوص الشعرية والشعائرية العربية مجهولة المؤلف؛ ذلك أن من خصائص النص الشعري بعد تدوينه أنه أشبه بالبيرتو المتعارف عليه في الأوبرا الكلاسيك، وبدايات أوبرا القرن 7 وما يلي؛ فهناك مساحات شعرية وموسيقية للجوقة أو الكورس، ومساحات لكل شخصية مفردة على حدة من شخصيات الملحمة، ومعنى هذا أن هذه الملاحم والقصص الدينية كانت تقدم وتروى على مستمعيها بطريقة أقرب إلى الأداء الأوبرالي، فالجوقة معلقة على الأحداث ورواية لها دورها ومكانها، كما أن لشخصيات الملحمة أو أبطالها سواء كانت فردية أو دويتو أو جماعية أدوارها المحددة شعرا وإيقاعا.
وهذه هي أول خصيصة أو ملمح لهذه النصوص.
كما أنها - على ما يبدو - كانت تقدم قديما وقبل اندثارها وتآكلها كنصوص مهجورة بالأسلوب الصحيح، وهو أن يكون لكل مغن ومنشد دوره الثابت المحدد في النص المروي، لكن مع التدهور الذي أصاب فنوننا وآدابنا الفولكلورية، وأخصها فنون الملاحم والسير والمدائح؛ تدهور فن المداحين، وبالتالي أداؤهم لهذه الملاحم أو الأوبرات الغنائية الموسيقية، فتبددت فرقهم، وأصبحت الفرقة والجوقة اليوم - على أحسن الفروض - تتكون من ثلاثة أو أربعة مغنين وعازفين، وبالتالي لم يعد المجال يسمح لاحتفاظ أبطال الملحمة وشخوصها بأدوارهم المفردة، بالإضافة إلى الجوقة، بل إن التدهور أصاب أيضا الأداء الموسيقي، فأصبح رتيبا، لا يستقيم في معظم أحواله مع متطلبات النص الشعري وخصائصه الدرامية والتراجيدية.
ولعلها تكون بدايات لأوبرات قومية عربية، لو أننا تمكنا من إعادة جمع هذا التراث الملحمي الموسيقي وتسجيله بحسب الوسائل التقنية، إلى أن تجيء مراحل تطويره واستلهامه وإعادة صياغته وتوزيعه موسيقيا، وهو الحلم الدائم لعديد من موسيقيينا ومغنيينا الأوبراليين.
فلعل الملمح الجوهري للتراث السامي بعامة، والعربي بخاصة، هو التميز بازدهار السير والملاحم والشعر المدائحي والمعلقات، منذ أقدم ملاحم العالم القديم، وهي ملحمة جلجاميش، التي تعارف عليها العرب الجاهليون باسم «قلقاميش» والتي تسبق، نظائرها الهيلينية - الإلياذة والأوديسة - بحوالي ألفي سنة، كذلك سبقت هذه الملحمة العربية، الملحمة الآرية الهندية «المهابهارتا» التي يقال بأنه اشترك في كتابتها مائة شاعر، وتعتبر أطول ملحمة في التاريخ، فيصل طولها إلى 108 ألف بيت شعر من أبيات الشعر الثمانية المقاطع.
وكما هو معروف فإن للملاحم وظائفها منذ عصور ما قبل المعرفة بالكتابة على المستوى الجماعي أو الشعبي؛ لذا فهي وعاء حافظ، سواء للأبنية الأسطورية والطقوسية والشعائرية، كما هو الحال مع معظم الملاحم، ومنها الإلياذة والأوديسة كما قد تؤرخ لحروب وهجرات جماعية، كما يتبدى في المهابهارتا، وملاحم أو سير الملك سيف بن ذي يزن، والزير سالم، والهلالية، وعنترة وغيرهم.
كذلك قد يكون من أغراض الملحمة الاحتفاء بالأعياد الدينية والتقويمات، كما هو الحادث مع «سارة وهاجر» التي تؤرخ لبناء الكعبة واستبدال الضحية البشرية بالضحية الحيوانية، أو خروف العيد الكبير، أو عيد اللحم، أو الضحية.
القسم الثالث
ظواهر وأحداث السير والملاحم العربية
Неизвестная страница