13
المودية، والأحزان الملازمة، لا سيما إذا كانت هذه الألوان الردية في لبس الإنسان، فإنها تقرر هذه الأمور الردية بملازمتها لحاسة البصر.
وقد ذكر بعض الفضلاء له تعليلا حسنا: وهو أن النفس إذا نظرت إلى الألوان الردية المذكورة من السواد وغيره مما ناسبه تنفر منه، وتجتمع لمضادتها له، على ما قررنا من أن النفس نورانية، فإذا تجمعت بالضرورة يصحبها تجمع الأرواح النيرة، ويلزم تجمعها تكاثفها، ويلزم تكاثفها غلظها، ويلزم غلظها بردها، ويلزم بردها تولد أخلاط سوداوية كالهموم والفكر وضيق الصدر والوسواس والماليخوليا،
14
وما أشبه ذلك. فالحذر الحذر، لمن يروم شرف نفسه وراحة قلبه، من فعل ذلك.
وهذا المعنى قد ألم به جماعة من الفضلاء المتقدمين والمتأخرين، وخصوصا الشيخ الرئيس ابن سينا، وفخر الدين ابن الخطيب.
15
واعلم أن النفس تسر وتلتذ وتبتهج بالنظر إلى المواضع الفسيحة لذة عظيمة؛ لأن الروح تلطف بنظرها إلى ذلك، فلا جرم أن المواضع المتنزهة كلما كانت أوسع كانت أنفع، لا سيما [ص6ا] إذا لم يكن للعين جدار يردها عن تمام نظرها. وانظر إلى ابتهاج النفس في البساتين والأرضين التي فيها نبات جامع للألوان الحسنة المذكورة، ومع سعتها. وما أحسن ما قيل: «العينان طاقتا النفس». فلا ينبغي للعاقل أن يجعل نظر نفسه
16
في طاقتيها إلى ما يضرها، بل يجتهد كل الاجتهاد على المعونة في إيصال الراحة إليها.
Неизвестная страница