أو تقول: «مسكين؛ لديه الكثير من المشاكل التي يصارعها؛ فهو يتيم الأب، ويعاني من الربو، هذا الولد لم يقصد في أي وقت أن يجرح مشاعر أحد.»
وقالت ذات مرة: «الشيء الحسن الذي فعله في حياته هو تلك الفتاة، يمكنك أن تقولي إنها نقطة تحول في حياته.»
كانت تقصد تلك الفتاة التي أتت إلينا قائلة إنها خطبت إليه في هاميلتون، أونتاريو، واستمرت هذه الخطبة إلى أن قال لها إنه لا يمكن أن يتمم الزفاف؛ لأنه يعاني مرضا وراثيا قاتلا بكليته. أرسل لها خطابا بهذا؛ فأتت لتطمئن عليه وتخبره أن هذا لا يهم. كان جمالها معقولا، وكانت تعمل في شركة بيل للهواتف. قالت لها أمي إنه حاك تلك الكذبة البيضاء لكيلا يجرح مشاعرها بأنه لن يتزوجها، في حين قلت إن هذا لطف كبير منها أن تتحمل الوقوف بجانبه بقية حياته.
كانت هذه الفتاة ستسهل علينا الأمور قليلا.
لكن كان هذا ماضيا وذهب، ونحن أبناء اليوم، وكما نعرف جميعا لا شيء يبقى على حاله. أصبحت الأمور أيسر بالنسبة لكام؛ حيث استقر بالمنزل مدة عام ونصف، بدأ شعره يتساقط من الأمام؛ ليس غريبا على رجل بسن الرابعة والثلاثين، وبدأ اللون الرمادي ينتشر في شعره الأشعث. كان يرتدي ثوبا بني اللون ذا خامة قاسية؛ يخيل لي أنه مصنوع من الخيش (سألت هارو إن كانت ملابسه من الخيش)، كان يعلق على صدره كل أنواع السلاسل، والميداليات، والصلبان، وسن الأيل أو ما شابه، وكان ينتعل صندلا من السيور، صنعه له أحد أصدقائه. كان كام يحصل على إعانات البطالة، ولم يطلب أحد منه أن يعمل، ومن ذا الذي يتجرأ على ذلك؟ كان إذا طلب منه أن يكتب وظيفته فإنه يكتب قسيسا.
هذه حقيقة! إذ كانت هناك مجموعة كاملة تضم من هم على شاكلته ، ويسمون أنفسهم قسيسين، كانوا يمتلكون بيتا في كيتسيلانو؛ حيث يمكث كام هناك أحيانا كثيرة. كانوا في منافسة مع رابطة هير كريشنا، الفرق الوحيد أنهم لا ينشدون الترانيم، فهم يمشون مبتسمين فقط. كانت نبرة صوت كام غير محتملة؛ إذ كانت نبرة رفيعة جدا وناعمة وذات وتيرة واحدة، ولدى سماعي له أتمنى الوقوف بوجهه قائلة: «هناك زلزال في تشيلي، ومائتا ألف شخص لقوا حتفهم لتوهم هناك، وهناك قرية أخرى في فيتنام احترقت، وضربت المجاعة الهند كالعادة.» فقط لأرى هل سيظل ينشد بتلك النبرة الناعمة قائلا: «لطيييف جدددا، لطيييف جدددا.» بالطبع هو لا يأكل اللحوم الآن، فكل طعامه أصبح من الحبوب الكاملة والخضراوات الورقية. ذات مرة دخل المطبخ بينما أقطع بعضا من البنجر - وكان محرما لأنه من الخضراوات الجذرية، الخضراوات الورقية فقط هي المسموح بها لديه - فقال لي: «أتمنى لو تدركين أنك ترتكبين جريمة قتل بفعلتك هذه.»
نظرت إليه شزرا قائلة: «كلا، لكن سأمهلك دقيقة لتخرج من هنا، وإلا ارتكبت جريمة قتل بحق.»
كما ذكرت، كان يبيت بالمنزل بعض الوقت، وقد كان موجودا في مساء الاثنين عندما أحست أمي بإعياء شديد. كانت تتقيأ. قبل هذا بيومين كان قد أقنعها ببدء رجيم الخضراوات - كانت دائما تعده بتجربة الأمر - وكان يقنعها بأنها تتقيأ كل السموم القديمة التي اختزنتها بجسدها جراء تناول اللحوم والسكريات وغيرها. وقال لها إن هذا علامة طيبة، وإنها حينما تتقيأ كل هذا ستشعر بتحسن، لكن على العكس من ذلك؛ فقد استمرت في التقيؤ، ولم تشعر يوما بأي تحسن. كان عليه أن يذهب، حيث يعقد لقاؤهم الأسبوعي في مساء يوم الاثنين بمنزل القسيسين، حيث ينشدون ويشعلون البخور ويحتفلون بالقداس الأسود، على حد علمي بذلك. مكث هناك معظم الليل، وعندما عاد وجد أمي مغشيا عليها بالحمام.
فاتصل بي: «فال، أعتقد أنه من المستحسن أن تحضري الآن وتحاولي مساعدة أمي.» «ماذا حدث لها؟» «إنها ليست على ما يرام.» «ماذا حدث لها؟ دعني أحدثها.» «لا تستطيع.» «لم؟»
أقسم أنه ضحك ضحكة مكبوتة، ثم قال: «حسنا، أخشى أنها قد رحلت.»
Неизвестная страница