173

Секретное учение

السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم ويليه جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه

Издатель

مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Место издания

الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بقوله: «إن الفقراء أكثر في الدنيا فهم أكثر في الجنة، ولا يلزم من ذلك علو الدرجة، ولا يلزم من سبقهم للدخول أن تكون درجتهم أعلى، أو مساوية» . انظر: «الذخيرة» (١٣/٣٣١-٣٣٣) . وأورد السرخسي في «شرح الكسب» (ص ١٢٠- ١٢١) مناظرة في المسألة، وجهها على تفضيل (الفقر) على (الغنى)، قال: «وحكي أن غنيًا وفقيرًا تناظرا في هذه المسألة، فقال الغنيّ: الغنيُّ الشاكر أفضل، فإن الله -تعالى- اسْتَقْرَضَ من الأغنياء، فقال ﷿: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: ٢٤٥]، وقال الفقير: إن الله -تعالى- إنما استقرضَ من الأغنياء للفقراءِ، وقد يُستقرضُ من الحبيب وغير الحبيب، ولا يُستقرضُ إلاَّ لأجل الحبيب»، ثم وجه التفضيل بقوله: «يوضِّحه أن الغني يحتاج إلى الفقير، والفقيرَ لا يحتاج إلى الغني؛ لأن الغنيّ يلزمه أداء حقّ المال، فلو اجتمع الفقراء عن آخرهم على أن لا يأخذوا شيئًا من ذلك، لم يُجبروا على الأخذ، ويُحمدون شرعًا على الامتناع عن الأخذ، فلا يتمكن الأغنياءُ من إسقاطِ الواجب عليهم عن أنفسهم، والله -تعالى- يُوصلُ إلى الفقراء كفايتهم على حسب ما ضَمِنَ لهم. فبهذا تبيّن أن الأغنياء هم الذين يحتاجون إلى الفقراء، والفقراء لا يحتاجون إليهم بخلاف ما ظنّه من يعتبرُ الظاهر، ولا يتأمّلُ في المعنى. فاتَّضح بما قررنا أن الفقيرَ الصابرَ أفضلُ من الغنيِّ الشاكر، وفي كلٍّ خير» انتهى. ويجاب عليه: بأنه عند احتمال وقوع هذه الصورة الخيالية، يضعُ الغنيُّ زكاتَه في بيت المال، وتبرأ ذمته بذلك تمام البراءة، وكم في الدنيا من فقراء يتلهفون على الفَلْس والدرهم؟! ولا يتعيّن في الزكاة تقديمُها لفقيرِ بلدِ المال. فالصورة هنا خيال في خيال، لا يصح أن تُساق في ترجيح دليل أو استدلال؟! وأمّا من فضّل الغنى على الفقر، فقد احتج -أيضًا- بمجموعة من النصوص، أسوق أولًا تتمة كلام القاضي أبي الحسين في «التمام» (٢/٣٠٥) . قال: «ووجه الثانية: ما روي عن النبي ﷺ أنه كان يقول في دعائه: «اللهم إني أعوذ بك من غنى يبطر، ومن فقر مترب» . وقال ﵇: «من طلب الدنيا حلالًا واستعفافًا عن المسألة، وسعيًا على عياله، وتعطفًا على جاره، جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، ومن طلب الدنيا حلالًا مكاثرًا مفاخرًا لقي الله وهو عليه غضبان»» . انتهى كلامه. قال أبوعبيدة: الحديثان -عندي- لم يثبتا، والثاني منهما أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (٤/٣٣٠ رقم ٣٤٦٥)، وأبو نعيم في «الحلية» (٣/١١٠ و٨/٢١٥)، والبيهقي في «الشعب» (٧/٢٩٨ =

1 / 184