فمد الفتى يده شاكرا، وقال: فاننكا.
كأنه يرجوها أن تسمح له بتقبيل يديها، فابتعدت الفتاة بحركة كبرياء ألزمت الفتى مكانه، فتمتم معتذرا: عفوك يا مولاتي، إني رهين إشارتك فأمري بما تشائين، فلا إرادة لي أمام إرادتك، وإنني أخشى أن تمس عواطفي شريف إحساساتك، فأرشديني أأتمر بما ترشدين.
فأجابته: إن ما أنصحك به يا فيدور هو أن تبدأ بالتوجه إلى أبي وتخطبني منه.
قال: إذن، فتسمحين لي أن أسعى ذلك المسعى؟
أجابته: نعم، ولكن على شرط.
قال: ما هو؟
قالت: ألا يعلم والدي مهما كانت إجابته أنك توجهت لخطبتي منه بناء على رغبتي، وألا يعلم أحد أنك تتبع ما ألقيه إليك من التعليمات، أو يبلغن أحد ما دار بيننا الآن، ثم ألا تطلب مني مهما كان الحال أن أمدك بغير صلواتي وابتهالي إلى الله أن ييسر لنا الأمور.
فأجابها فيدور: لك ما تشائين، وإني حريص على ما تأمرين؛ فإنك منحتني فوق ما كنت آمله، ولكن إن رفض والدك طلبي، أفلست تشاركينني في أحزاني وتشاطرينني في مصابي؟
فقالت فاننكا: بكل جوارحي، ولكن أتعشم ألا يتم إلا كل خير، فاجعل الأمل رائدك والشجاعة دليلك، وإذا عزمت فتوكل على الله.
وخرجت فاننكا؛ لتخفي ما ألم بها بعد أن تركت فيدور منفعلا من أثر هذه المحادثة أكثر من انفعالها، يكاد لا يملك نفسه من الاضطراب.
Неизвестная страница