Тайна красноречия
سر الفصاحة
Издатель
دار الكتب العلمية
Номер издания
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
إن كان مواضعه وفيه وجه آخر من وجوه القبح عندهم. ولا يكون حسنًا حتى تنتفى عنه وجوه القبح في مثله على أننا نجد في تغير الكنايات وعدول الضمائر عن السبق في إيرادها ما يزيل شطرًا من الفصاحة وطرفًا من الرونق ومن تأمل قول عبيد الله بن قيس الرقيات:
فتاتان أما منهما فشبيهة اله ... لال وأخرى منهما تشبه الشمسا
فتانا بالنجم السعيد ولدتما ... ولم تلقيا يومًا هوانًا ولا نحسا
علم أن بين قوله: ولدتما وولدتا فرقًا واضحًا ومزية بينة١ ووجد الكلام الثاني كالمنقطع من الأول.
وكذلك قول المتنبي:
قوم تفرست المنايا فيكم ... فرأت لكم في الحرب صبر كرام
لأن وجه الكلام قوم تفرست المنايا فيهم فرأت لهم.
فهذا وما يجرى مجراه في جانب التأليف مذكور وفي شعبه معدود واتباع العرف في إيراد الظاهر المعروف دون الشاذ النادر واجب لمن آثر مشاركتهم في فصاحة النظم وسلامة النسج فإنما بهم يقتدي وعلى منارهم يهتدي ثم يقال لمن عساه يمنع أن يكون إعراب الكلام شرطا في فصاحته: هل يجوز عندك أن يكون عربيًا وأن استعمل كل اسم منه لغير ما وضعته له العرب فإن قال: نعم لزمه أن يكون متكلمًا باللغة العربية إذا سمى الفرس إنسانًا والسواد بياضًا والموجود معدومًا وغير ذلك من الكلام وهذا حد لا يذهب إليه محصل وإن قال: لا يكون عربيًا حتى يضع كل اسم في موضعه ويلفظ به على حد ما يلفظ به أهله قلنا: فقد دخل في هذا إعراب الكلام لأن
_________
١ لأن في قوله ولدتما انتقالا من الغيبة إلى الخطاب.
1 / 109