Тайна красноречия
سر الفصاحة
Издатель
دار الكتب العلمية
Номер издания
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
الحقيقة فإن الله جل اسمه يقول: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ ١ ومعلوم أن الثانية ليست بسيئة وإنما هي جزاء على السيئة وكذلك: ﴿إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ﴾ ٢ والفعل الثاني ليس بسخرية ومثل هذا في الشعر والكلام كثير ومستعمل فلما كان في مجرى العادة أن يقول القائل: أغلظت لفلان القول وجرعته منه كأسًا مرة أو سقيته منه أمر من العلقم وكان الملام مما يستعمل فيه التجرع جعل له ماء على الاستعارة وهذا كثير موجود.
وهذا الذي قاله أبو القاسم عن المقابلة قد ذكرناه فلا وجه لإعادة الكلام عليه وأما اعتذاره بأن العادة جارية أن يقال: جرعته من القول كأسا مرة فلما استعمل في الملام التجرع على الاستعارة جعل له ماء على الاستعارة فلعمري أن هذا أقرب ما يعتذر به لأبي تمام في هذا البيت وأولى من جميع ما قد ذكر لما قدمناه من فساد التعلق بذلك لكنا قدمنا أن الاستعارة إذا بنيت على استعارة بعدت وإن اعتبر فيها القرب فماء الملام ليس بقريب وإن لم يعتبر فيها لم ينحصر وبنى على كل استعارة استعارة وأدى ذلك إلى الاستحالة والفساد على ما قدمناه.
وليس هذا البيت عندي بمحمود ولا من أقبح ما يكون في هذا الباب بعد قول أبي تمام:
لها بين أبواب الملوك مزامر ... من الذكر لم تنفخ ولا هي تزهر
وقوله:
إلى ملك في أيكة المجد لم يزل ... على كبد المعروف من نيله برد
وقوله:
١ سورة الشورى الآية ٤٠. ٢ سورة هود الآية ٣٨.
1 / 143