لقد انفتحت قلوبهم لدعوة رسول الله (ص) ، فصدقوه وآمنوا به ، وهم يرجون أن ينصرهم الله به بنصرهم له ، فقد وجدوا فيه ضالتهم المنشودة ، وأملهم المفقود، لا فقد كانوا يعيشون حالة من التمزق والخلاف قبيلتا الاوس والخزرج وهم يبحثون عن القائد والرائد الذي يستأصل هذا الصراع المرير والخلاف المستعصي بينهم ، ويجمع كلمتهم وينقذهم من الحروب والفتن وحالة التمزق والضياع ، لذلك قالوا للنبي (ص) :
« إن بين قومنا شرا ، وعسى الله أن يجمعهم بك ، فإن اجتمعوا عليك فلا رجل أعز منك » (1).
(56)
عاد الرجال الطلائع ، وهم يحملون البشرى ومشعل النور والهداية لقومهم ، فراحوا يبشرون بالرسالة ، ويعرفون بمبادئ الدعوة الالهية .
فاستقبلت يثرب هذه الدعوة بالقبول والتصديق، وأخذ الاسلام طريقه إلى النفوس، وراحت مجالس المدينة ونواديها تتحدث بالدين الجديد ، وبالدعوة المباركة ، وبالنبي المرسل (ص) .
وفي الموسم التالي، موسم الحج، توجه اثنا عشر رجلا من الذين آمنوا من يثرب قاصدين مكة للحج والاجتماع بالنبي الهادي (ص) والتفاوض معه ، فكان اللقاء بالعقبة(2)، وكان التفاوض والبيعة ، فأرسل النبي (ص) مصعب بن عمير ممثلا عنه ، يبلغ رسالته، ويعرف بمبادئ الاسلام، ويعلم القرآن، وينشر مفاهيم الشريعة وأحكامها .
عاد الوفد إلى يثرب وبصحبته مصعب بن عمير ، فلما وصل يثرب نزل مصعب ضيفا على أسعد بن زرارة ، أحد أعضاء الوفد ، ومن رجال الخزرج السابقين (3) إلى الاسلام ، وراح ينشر الدعوة ويعرف بالاسلام ويدعو الناس إلى الايمان ، فانتشر الاسلام بين أهل يثرب .
Страница 75