(51) وأطلعه على ما حدث للصحيفة الظالمة ، فتوجه أبو طالب ومحمد وبنو هاشم إلى البيت الحرام ليحدثوا طواغيت قريش بما أخبر به رب العزة ، وليؤكدوا لهم بدليل آخر نبوة محمد (ص) واطلاعه على الغيب ، وقد رأوا النصر وتباشير الفرج ، وابتداء مرحلة جديدة من مراحل الدعوة وظهور منعطف تأريخي مميز من منعطفات المسيرة الصاعدة .
« جلس أبو طالب بفناء الكعبة ، وأقبلت عليه قريش من كل أوب فقالوا : قد آن لك يا أبا طالب أن تذكر العهد ، وأن تشتاق إلى قومك ، وتدع اللجاج في ابن أخيك ، فقال لهم : يا قوم أحضروا صحيفتكم فلعلنا أن نجد فرجا وسببا لصلة الارحام وترك القطيعة » (1).
لقد طلب أبو طالب احضار الصحيفة ، وقلبه ممتلئ ثقة عظيمة بما أخبره به محمد (ص) ، وعندما احضرت الصحيفة ، نظر إليها أبو طالب فخاطب قومه متحديا : هذه صحيفتكم على العهد لم تنكروها ، قالوا : نعم ، قال : فهل أحدثتم فيها حدثا ؟ قالوا : اللهم ! لا .
قال : فإن محمدا أعلمني عن ربه ، أنه بعث الارضة فأكلت كل ما فيها إلا ذكر الله . أفرأيتم إن كان صادقا ، ماذا تصنعون ؟ قالوا : نكف ونمسك ، قال : فإن كان كاذبا دفعته إليكم تقتلونه ، قالوا : قد أنصفت وأجملت .
وبهت الطغاة ، واستولى عليهم الصلف ، وأخذتهم العزة بالاثم ، وكبر عليهم التسليم لهذه المعجزة التي أسقطت الحصار ، وأعطت دليلا معجزا على صدق النبوة والدعوة ، فقالوا :
« ما هذا إلا سحر ، وما كنا قط أجد في تكذيبه منا ساعتنا هذه » (2).
Страница 69