« فلما علمت قريش أنهم لا يقدرون على قتل رسول الله (ص) وأن أبا طالب لا يسلمه ، وسمعت بهذا من قول أبي طالب ، كتبت الصحيفة القاطعة الظالمة : ألا يبايعوا أحدا من بني هاشم ولا يناكحوهم ولا يعاملوهم حتى يدفعوا إليهم محمدا فيقتلوه ، وتعاقدوا على ذلك ، وتعاهدوا ، وختموا على الصحيفة بثمانين خاتما ، وكان الذي كتبها منصور ابن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار فشلت يده ، ثم حصرت قريش رسول الله وأهل بيته من بني هاشم وبني المطلب بن عبد مناف في الشعب ، الذي يقال له شعب بني هاشم بعد ست (1) سنين من مبعثه » (2).
هكذا دخلت الدعوة إلى الاسلام مرحلة جديدة من مراحل الكفاح والامتحان الصعب والمواجهة الحادة ، بعد أن حصر رسول الله (ص) ومن معه في ذلك الشعب الموحش المجدب .
لقد استمر الحصار وطال حتى أنفق أبو طالب ومحمد (ص) مالهما ، كما أنفقت خديجة المرأة الثرية أموالها الطائلة في هذا الحصار الاقتصادي الظالم ، واشتد خلاله الخطب على المسلمين ، وراحوا يعانون الجوع والاذى ، ويأكلون نباتات الارض ، ولم يكن يصل إليهم شيء من الطعام ، واستمر هذا الحصار ثلاث سنوات تقريبا .
وحين اشتد العسر والاذى، وصبر المسلمون، جاء الفرج واليسر، وتدخل النصر الالهي ، فأرسل الله (حشرة الارضة) على الصحيفة فأكلت كل ما كتب فيها عدا ما كان فيها من اسم الله سبحانه ، فهبط جبريل (ع) وأخبر محمدا (ص) بذلك .
تلقى النبي محمد (ص) هذا النصر الالهي العظيم ، والمعجزة الدامغة على صدق نبوته واطلاعه على الغيب ، وتأييد الله له ، تلقى ذلك النبأ العظيم فخبر أبا طالب
Страница 68