Сират Мулук Табацина
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Жанры
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني
وأين مكان البعد إلا مكانيا.
بل إن ما آلم قمرية وهي ما تزال بعد عروسا وضاعف من تمزقها وأحزانها وعذاباتها، وهو التحول السريع المتلاحق الذي حل بالملك، وزهده في الحكم موكلا أمر العسير من قرارته الجوهرية، إليها هي وحدها. - عليكم بالأميرة.
وكانت كلما واجهته متعثرة نهبا لمشاعرها الحزينة الآسية، بعدم معرفتها بأصول الحكم أجابها: ولم لا؟ أنت زوجتي تعلمي، تمرسي، أنا لست بخالد.
صحيح أنها كانت تلجأ في مثل هذه الحالات إلى منجدها، وهو الوزير الأول يثرب، ولكن أين لها بقرارات تتصل بالحرب والسلم وعقد المعاهدات وتسيير الجيوش وشق الطرق والسدود في شمال الهند، وأندونسيا والتركستان ومصر والمغرب الكبير ووادي الرافدين وحضرموت ويثرب ودمشق؟
أين هي من كل هذا لتحكم وتنهى، وهي التي جاءته يوما تحت أستارها وأقنعتها محملة بسمومها المعجلة ساعية للقتل والاغتيال.
إلى أن تحقق حدث «قمرية» وحل وهن المرض بالملك ذو اليزن، فلم يمهله طويلا؛ إذ ألزمه فراشه لا يبرحه.
وجاء توقيته متوافقا وكأنه على موعد مع تحرك ابنه - كجنين - في أحشاء أمه قمرية، وكم كانت فرحته الكبرى وهو معلول ذابل الوجه على فراشه، حين قاربته زوجته، وهي تسعى إليه على ركبتها وهو راقد على فراشه آخذة يده الحنونة الرحيمة لاثمة قبل أن تضعها على بطنها. - ماذا يا قمرية؟ - ابنك. - أحقا ما تقولين؟ - هيكل، سيف، ها هو يلهو معاتبا ويود لو يلثم جبهتك الأبية.
علت وجهه ابتسامة واهنة وهو يعاني من آلامه المبرحة مجاهدا على نفسه لتقبل لحظة فرح. - ابني، ليتني فقط يمتد بي العمر إلى أن أراه، آه سيف، وحيدي!
أغمض عينيه مستسلما في أحلامه قبل أن يأخذه النوم العميق.
Неизвестная страница