- ذكر مولد أبي عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل ﵀
ومبلغ سنه يَوْم توفّي
أخبرنَا الْأُسْتَاذ الإِمَام شيخ الْإِسْلَام أَبُو عُثْمَان إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن الصَّابُونِي النَّيْسَابُورِي ﵁
قدم علينا دمشق فِي رَجَب سنة اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة قَالَ أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن أَحْمد الشَّيْبَانِيّ الْمَعْرُوف بالمخلدي ﵁ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلمائة قَالَ أخبرنَا أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن مُسلم الأسفراييني قِرَاءَة عَلَيْهِ قَالَ حَدثنَا أَبُو الْفضل صَالح بن أَحْمد بن حَنْبَل
قَالَ سَمِعت أبي يَقُول ولدت فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَة فِي أَولهَا فِي ربيع الأول وَجِيء بِي حمل من مرو وَتُوفِّي أَبوهُ مُحَمَّد بن حَنْبَل
1 / 29
وَله ثَلَاثُونَ سنة فوليته أمه
قَالَ أَبُو الْفضل قَالَ أبي وَكَانَ قد ثقبت أُذُنِي أُمِّي رَحْمَة الله عَلَيْهَا تصير فِيهَا حبتا لُؤْلُؤ فَلَمَّا ترعرعت نزعتها فَكَانَت عِنْدهَا فدفعتها إِلَيّ فبعتها بِنَحْوِ ثَلَاثِينَ درهما
قَالَ أَبُو الْفضل توفّي أبي ﵀ فِي يَوْم الْجُمُعَة لثَلَاثَة عشرَة لَيْلَة خلت من شهر ربيع الأول من سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ سنه من يَوْم ولد إِلَى أَن توفّي سَبْعَة وَسبعين رَحْمَة الله عَلَيْهِ
ثمَّ قَالَ أَبُو الْفضل وجدت فِي بعض كتب أبي نسبه
أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل بن هِلَال بن أَسد بن إِدْرِيس بن عبد الله بن حَيَّان بن عبد الله بن أنس بن عَوْف بن قاسط بن مَازِن بن شَيبَان بن ذهل بن ثَعْلَبَة بن عكابة بن صَعب بن عَليّ بن بكر وَائِل بن قاسط بن وهب بن أفصي بن دعمي بن جديلة بن أَسد بن ربيعَة بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن النبت بن قيذار بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ﷺ
1 / 30
- تَارِيخ طلب أبي عبد الله الحَدِيث
قَالَ سَمِعت صَالح يَقُول قَالَ أبي طلبت الحَدِيث وَأَنا ابْن سِتّ عشرَة سنة
قَالَ أبي وَمَات هشيم وَأَنا ابْن عشْرين سنة وَأَنا أحفظ مَا سَمِعت مِنْهُ وَلَقَد جَاءَ إِنْسَان إِلَى بَاب ابْن عَلَيْهِ وَمَعَهُ كتب هشيم فَجعل يلقيها عَليّ وَأَنا أَقُول هَذَا إِسْنَاده كَذَا فجَاء المعيطي وَكَانَ يحفظ فَلت لَهُ أجبه فِيهَا فَبَقيَ وَأعرف من حَدِيثه مَا لم أسمع
وَخرجت إِلَى الْكُوفَة - سنة مَاتَ فِيهَا هشيم - سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَهِي أول سنة سَافَرت فِيهَا وَقدم عِيسَى بن يُونُس الْكُوفَة بعدِي بأيام سنة ثَلَاثَة وَثَمَانِينَ وَلم يحجّ بعْدهَا
1 / 31
قَالَ وَأول خرجَة خرجتها إِلَى الْبَصْرَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ قلت لَهُ أَي سنة جرحت إِلَى سُفْيَان بن عُيَيْنَة
قَالَ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ قدمناها وَقد مَاتَ فُضَيْل بن عِيَاض
وَهِي أول سنة حججْت وَسنة إِحْدَى وَتِسْعين سنة حج الْوَلِيد بن مُسلم وَفِي سنة سِتّ وَتِسْعين وأقمت سنة سبع وَتِسْعين وَخرجت سنة ثَمَان وَتِسْعين وأقمت سنة تسع وَتِسْعين عِنْد عبد الرَّزَّاق وجاءنا موت سُفْيَان وَيحيى بن سعيد وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي سنة ثَمَان وَتِسْعين
قَالَ أبي وَلَو كَانَ عِنْدِي خَمْسُونَ درهما كنت قد خرجت إِلَى جرير
1 / 32
بن عبد الحميد إِلَى الرّيّ فَخرج بعض أَصْحَابنَا وَلم يمكني الْخُرُوج لِأَنَّهُ لم يكن عِنْدِي
قَالَ أبي وَخرجت إِلَى الْكُوفَة فَكنت فِي بَيت تَحت رَأس لبنة فحممت فَرَجَعت إِلَى أُمِّي رَحمهَا الله وَلم أكن استأذنتها
وَقَالَ وَحَجَجْت خمس حجج ثَلَاثَة راجل أنفقت فِي إِحْدَى هَذِه الْحجَج ثَلَاثِينَ درهما
قَالَ وَأول سَمَاعي من هشيم سنة تسع وَسبعين وَكَانَ ابْن الْمُبَارك قدم فِي هَذِه السّنة وَهِي آخر قدمة قدمهَا وَذَهَبت إِلَى مَجْلِسه فَقَالُوا قد خرج إِلَى طرسوس وَتُوفِّي سنة أحدى وَثَمَانِينَ
قَالَ وَكنت عَن هشيم سنة تسع وَسبعين إِلَّا أَنِّي لم أعْتَمد بعض سَمَاعي ولزمناه سنة ثَمَانِينَ وَإِحْدَى وَثَمَانِينَ وثنتين وَثَلَاث
1 / 33
وَمَات فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ فكتبنا عَنهُ كتاب الْحَج نَحْو من ألف حَدِيث وَبَعض التَّفْسِير وَالْقَضَاء وكتبا صغَارًا قلت يكون ثَلَاثَة آلَاف قَالَ أَكْثَرهم
سَمِعت صَالح قَالَ سَمِعت أبي يَقُول صليت خلف إِبْرَاهِيم بن سعد غير مرّة فَكَانَ يسلم وَاحِدَة ورأني يَوْمًا وَأَنا أكتب فِي الألواح فَقَالَ تكْتب
سَمِعت صَالح يَقُول قلت لأبي يكون فِي الحَدِيث قَالَ رَسُول الله ﷺ فَيَجْعَلهُ الْإِنْسَان قَالَ النَّبِي ﵇ قَالَ أَرْجُو أَلا يكون بِهِ بَأْس
قلت الشَّيْخ يزْعم الْحَرْف يعرف انه كَذَا وَكَذَا فَلَا يفهم عَنهُ ترى أَن يرْوى ذَلِك عَنهُ قَالَ أَرْجُو أَلا يضيق هَذَا
قلت الْكتاب قد طَال على الْإِنْسَان عَهده لَا يعرف بعض حُرُوفه فيجيز بعض أَصْحَابه مَا ترى فِي ذَلِك قَالَ أَن كَانَ يعلم أَنه كَمَا فِي الْكتاب فَلَيْسَ بِهِ باس
1 / 34
- مَا ذكر من أَخْلَاق أبي عبد الله ﵁
سَمِعت صَالح يَقُول كَانَ أبي إِذا أَرَادَ الْوضُوء للصَّلَاة لم يدع أحدا يَسْتَقِي لَهُ المَاء كَانَ هُوَ يَسْتَقِي بِيَدِهِ
وَكنت اسْمَعْهُ كثيرا يَتْلُو سُورَة الْكَهْف
وَكنت رُبمَا اعتللت فَيَأْخُذ قدحا فِيهِ مَاء فَيقْرَأ فِيهِ ثمَّ يَقُول لي اشرب مِنْهُ واغسل وَجهك ويديك
- وَكَانَ رُبمَا خرج إِلَى الْبَقَّال يَشْتَرِي الحزمه من الْحَطب وَالشَّيْء فيحمله
وَجَاء يَوْمًا ليتنور وَعِنْدِي رجل ضَرِير يقْرَأ فَأخْبرت أَنه قعد هنيهة يستمع
وَكَانَ يبيت عِنْدِي كثيرا قوم فيهم من يقْرَأ ويغير فيبلغه ذَلِك فَلَا يَقُول شَيْئا
1 / 35
قَالَ ورأيته يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب وَسَائِل يسْأَل وَكَانَ إِلَى جنب أبي رجل وَكَانَ السَّائِل مِمَّا يَلِي أبي فَأَوْمأ الرجل وَفِي يَده قِطْعَة إِلَى أبي ليأخذها ويعطيها السَّائِل فَلم يَأْخُذهَا من الرجل
وَكَانَ رُبمَا ركع فِي الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة وَرُبمَا انْصَرف فَيصَلي فِي بعض الْمَسَاجِد
ومضيت مَعَه يَوْم جُمُعَة إِلَى مَسْجِد الْجَامِع فَوَافَقت النَّاس وَانْصَرفُوا
فَدخل أبي الْمَسْجِد وَكَانَ مَعنا إِبْرَاهِيم بن هاني النيسأبوري فَتقدم أبي فصلى بِنَا الظّهْر أَرْبعا
قَالَ قد فعله بن مَسْعُود بعلقمه والاسود
أخبرنَا المخلدي قَالَ أخبرنَا الاسفرايني الاسفراني قَالَ حَدثنَا صَالح
1 / 36
قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهدى عَن سُفْيَان عَن الْحسن بن عبيد الله قَالَ فاتتنى الْجُمُعَة وَأَنا وذر فصلينا فِي جمَاعَة قَالَ فَذكرت ذَاك لإِبْرَاهِيم فَقَالَ قد فعله ابْن مَسْعُود بعلقمة وَالْأسود يَوْم الْجُمُعَة
قَالَ المخلدي قَالَ أَبُو بكر الاسفرايني سَأَلت إِبْرَاهِيم بن هاني عَن هَذَا فَقلت فاتتكم الْجُمُعَة مَعَ احْمَد فصلى بكم أَرْبعا قَالَ نعم
واخبرنا الاسفرايني قَالَ حَدثنَا صَالح قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا عبد الرَّزَّاق قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان عَن الْحسن بن عبيد الله قَالَ صليت أَنا وذر فأمنى وفاتتنا الْجُمُعَة فَسَأَلت إِبْرَاهِيم فَقَالَ قد فعل ذَلِك عبد الله بعلقمة وَالْأسود
قَالَ سُفْيَان وانما فعلته أَنا وَالْأَعْمَش
قَالَ أبي وَقد فعله اياس بن مُعَاوِيَة وَهُوَ قَاضِي الْبَصْرَة اُخْبُرْنَا المخلدي قَالَ اُخْبُرْنَا الاسفرايني قَالَ حَدثنَا صَالح قَالَ
1 / 37
حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا زيد بن الْحباب قَالَ اخبرني حميد بن عُبَيْدَة قَالَ جِئْت إِلَى الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة فَوجدت النَّاس قد صلوا وَجَاء اياس وَهُوَ يَوْمئِذٍ قَاضِي الْبَصْرَة قَالَ فصلى بِنَا فِي الْمَسْجِد فِي الزاوية فَتقدم فصلى بِنَا فِي جمَاعَة
وَقَالَ أبي وَصلى سُوَيْد بن غَفلَة وَقد فَاتَتْهُ الْجُمُعَة فصلى الظّهْر فِي جمَاعَة
وَقَالَ صَالح فَحَدَّثَنِيهِ بِهِ أبي قَالَ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن أبي عوانه عَن بعض أَصْحَابه أَن سُوَيْد بن غَفلَة فَاتَتْهُ الْجُمُعَة فَصنعَ مثل ذَلِك
سَمِعت صَالح يَقُول وَحَضَرت مَعَ أبي عِنْد إِبْرَاهِيم بن اللَّيْث صَاحب الاشجعي وَحضر عَليّ بن الْمَدِينِيّ وعباس الْعَنْبَري وَجَمَاعَة وَكثير من أهل الحَدِيث فَنُوديَ بِصَلَاة الظّهْر فَسَمِعُوا النداء فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عبد الله تخرج من الْمَسْجِد أَو نصلي هَا هُنَا
فَقَالَ نَحن جمَاعَة نصلي هَا هُنَا فصلوا
وَرَأَيْت أبي وَقد توفّي عَم لَهُ يُقَال لَهُ عبد الله بن حَنْبَل فَلَمَّا حنط
1 / 38
وكفن قبل جَبهته قبل أَن يغطى وَجهه وَكَانَ إِذا شهد جَنَازَة يقدم أمامها أَو يكون قَرِيبا مِنْهَا وَقَالَ يتقدمها احب الي
حَدثنَا صَالح قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا عبد الرَّزَّاق قَالَ حَدثنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ أَن رَسُول الله ﷺ وَأَبا بكر وَعمر كَانُوا يَمْشُونَ بَين يَدي الْجِنَازَة
قَالَ الزُّهْرِيّ واخبرني سَالم أَن أَبَاهُ كَانَ يمشي بَين يَديهَا حَدثنَا صَالح قَالَ حَدثنَا حجاج قَالَ حَدثنَا لَيْث قَالَ حَدثنِي عقيل بن خَالِد عَن شهَاب أَن سَالم بن عبد الله اخبره أَن عبد الله بن عمر كَانَ يمشي بَين يَدي الْجِنَازَة وَأَن رَسُول الله ﷺ كَانَ يمشى بَين يَدي الْجِنَازَة وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان رضوَان الله عَلَيْهِم
حَدثنَا صَالح قَالَ وحَدثني أبي قَالَ حَدثنَا حجاج قَالَ قَرَأت على بن جريح قَالَ اخبرني أَن أبن شهَاب حَدثهُ قَالَ حَدثنِي سَالم عَن عبد الله ابْن عمرانه كَانَ يمشي بَين يَدي الْجِنَازَة وَقد كَانَ رَسُول الله ﷺ وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان يَمْشُونَ أمامها
1 / 39
وَقَالَ أبي يرى انه مُرْسل
حَدثنَا صَالح قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن ابْن الْمُنْكَدر سمع ربيعَة بن عبد الله بن هدين قَالَ رَأَيْت عمر يقدم النَّاس أَمَام جَنَازَة زَيْنَب بنت جحش
قَالَ وَكَانَ أبي إِذا صلى على جَنَازَة لم يجلس حَتَّى تُوضَع السرير وَقَالَ لَا يجلس حَتَّى تُوضَع من أَعْنَاق الرِّجَال
وَكَانَ يكبر على الْجِنَازَة أَرْبعا وَيرْفَع يَدَيْهِ مَعَ كل تَكْبِيرَة وَيقْرَأ فَاتِحَة الْكتاب فِي أول تَكْبِيرَة ثمَّ يسلم تَسْلِيمَة وَاحِدَة
وَكَانَ إِذا دخل الْمقْبرَة خلع نَعْلَيْه وامسكها بِيَدِهِ
وَرُبمَا قَالَ لجارية لي مَوْلَاك فِي الْبَيْت
وَكَانَ إِذا ولد لي مَوْلُود سَمَّاهُ
وَكَانَ إِذا ولد لي ابْنة يَقُول الْأَنْبِيَاء كَانُوا أباء بَنَات
1 / 40
وَيَقُول قد جَاءَ فِي الْبَنَات مَا قد علمت
قَالَ وَولد لي مَوْلُود فأهدى لي صديق شَيْئا ثمَّ أَتَى على ذَلِك شهر وَأَرَادَ الْخُرُوج إِلَى الْبَصْرَة فَقَالَ لي تكلم أَبَا عبد الله يكْتب لي إِلَى الْمَشَايِخ بِالْبَصْرَةِ - فكلمته فَقَالَ لَوْلَا انه أهْدى إِلَيْك كتبت لَهُ لست اكْتُبْ لَهُ
واهدى إِلَيْهِ رجل ولد لَهُ مَوْلُود خلوان فالزوج فاهدى إِلَيْهِ سكرا بِدَرَاهِم صَالِحَة
واكل يَوْمًا فِي منزلي فاخذ لقْمَة فناولها الْخَادِم
وَكَانَ رُبمَا اخبز لَهُ فَيصير لَهُ فِي فخارة عدس وشحم
وَرُبمَا قَالَ صيروا فِيهِ ثمَّ انى شَهْرَيْن فَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يَأْكُل يَجِيء إِلَى الصّبيان بقضعة من ذَاك العدس فيصوت ببعضهم فيدفعه إِلَيْهِ فيضحكون وَلَا يَأْكُلُونَهُ
وَكَانَ كثيرا مَا يأتدم بالخل وَرُبمَا رايته يَأْكُل الْكسر فينفض الْغُبَار عَنْهَا ثمَّ يصيرها فِي قَصْعَة وَيصب عَلَيْهَا المَاء حَتَّى تلين ثمَّ يَأْكُلهُ بالملح وَمَا رَأَيْته قطّ اشْترى رمانا وَلَا سفرجلا وَلَا شَيْئا من الْفَاكِهَة إِلَّا أَن يَشْتَرِي بطيخة فيأكلها بالخبز أَو عنبا أَو تَمرا فَأَما غير ذَلِك فَمَا رَأَيْته وَمَا اشْتَرَاهُ
وَكُنَّا رُبمَا اشترينا الشَّيْء فنستره عَنهُ حَتَّى لَا يرَاهُ فيوبخنا على ذَلِك
1 / 41
وَقَالَ لي إِن كَانَت والدتك فِي الغلاء تغزل غزلا رَقِيقا فتبيع الأستار بِدِرْهَمَيْنِ اقل أَو اكثر فَكَانَ ذَلِك قوتنا
وَكَانَ قَدِيما قبل أَن نَأْخُذ من السُّلْطَان يَأْكُل عندنَا وَرُبمَا وجهنا بالشَّيْء فيأكل مِنْهُ
وَدخل يَوْمًا إِلَى منزلي وَقد غَيرنَا سقفا لنا فدعاني ثمَّ أمْلى عَليّ حَدِيث الْأَحْنَف بن قيس قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن مسلمة عَن يُونُس عَن الْحسن قَالَ قدم الْأَحْنَف بن قيس من سفر وَقد غير أَسْقُف بَيته حمر وشقا شقّ وخضروها فَقَالُوا لَهُ أما ترى إِلَى سقف بَيْتك - فَقَالَ معذرة إِلَيْكُم أَنِّي لم أره لَا ادخله حَتَّى تغيروه
واعتلت من عَيْني لَيْلَة فَلم يزل عِنْدِي فَقلت اللَّهُمَّ أَنِّي أَسأَلك الصَّبْر فَقَالَ سل الله الْعَافِيَة فان الصَّبْر إِنَّمَا يكون مَعَ الْبلَاء
وَكَانَ كتب إِلَى إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ
فَكتب إِلَى إِسْحَاق أَن الْأَمِير عبد الله بن طَاهِر وَجه إِلَيّ
وَدخلت عَلَيْهِ وَفِي يَدي كتاب أبي عبد الله فَقَالَ مَا هَذَا الْكتاب - فَقلت كتاب احْمَد بن حَنْبَل فَقَالَ هاته فَأَخذه فقرأه
1 / 42
وَقَالَ أَنِّي لَأحبهُ واحب حَمْزَة بن هيضم اليوسنجي لانهما لَا يختلطان بِأَمْر السُّلْطَان ثمَّ قَالَ لست أمنك على هَذَا الْكتاب واخذه فَوَضعه تَحت مصلات فقرات كتاب إِسْحَاق على أبي فامسك عَن الْكتاب إِلَيْهِ
وَكَانَ يتنور فِي الْبَيْت إِلَّا انه قَالَ لي يَوْمًا وَكَانَ يَوْمًا شتويا أُرِيد ادخل الْحمام بعد الْمغرب فَقل لصَاحب الْحمام فَقلت لصَاحب الْحمام فَلَمَّا كَانَ الْمغرب فَقَالَ ابْعَثْ إِلَيْهِ أَنى قد ضربت عَن الدُّخُول وتنور فِي الْبَيْت
واردت أَن اشْترِي جَارِيَة نَصْرَانِيَّة فَقَالَ لَا تشتر نَصْرَانِيَّة
واشتريت جَارِيَة فشكت إِلَيْهِ أَهلِي فَقَالَ كنت اكره لَهُم الدُّنْيَا وَكَانَ رُبمَا بَلغنِي عنكما الشَّيْء فَقَالَت لَهُ يَا عَم وَمن يكره الدُّنْيَا غَيْرك - فَقَالَ لَهَا فشانك إِذن
1 / 43
- مَا ذكر فِي زهد أبي عبد الله ﵁
قَالَ أَبُو الْفضل دخلت يَوْمًا على أبي أَيَّام الواثق وَالله يعلم على أَي حَالَة نَحن وَقد خرج لصَلَاة الْعَصْر وَكَانَ لَهُ لبد يجلس عَلَيْهِ قد أَتَى عَلَيْهِ سِنِين كَثِيرَة حَتَّى بلَى وَإِذا تَحْتَهُ كتاب كاغد وَإِذا فِيهِ بَلغنِي يَا أَبَا عبد الله مَا أَنْت فِيهِ من الضّيق وَمَا عَلَيْك من الدّين وَقد وجهت إِلَيْك بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم على يَدي فلَان لِتَقضي بهَا دينك وَتوسع على عِيَالك وَمَا هِيَ من صَدَقَة وَلَا زَكَاة وانما هُوَ شَيْء ورثته من أبي فقرات الْكتاب وَوَضَعته فَلَمَّا دخل قلت لَهُ يَا أَبَت هَذَا الْكتاب - فاحمر وَجهه وَقَالَ رفعته مِنْك ثمَّ قَالَ تذْهب بجوابه فَكتب إِلَى الرجل وصل كتابك الي وَنحن فِي عَافِيَة فَأَما الدّين فانه لرجل لَا يرهقنا واما عيالنا فهم فِي نعْمَة وَالْحَمْد لله فَذَهَبت بِالْكتاب إِلَى الرجل الَّذِي كَانَ أوصل كتاب الرجل
فَقَالَ وَيحك لَو أَن أَبَا عبد الله قبل هَذَا الشَّيْء وَرمى بِهِ مثلا فِي دجلة كَانَ مأجورا لَان هَذَا الرجل لَا يفوت لَهُ مَعْرُوف فَلَمَّا كَانَ بعد حِين ورد كتاب الرجل بِمثل ذَلِك فَرد عَلَيْهِ الْجَواب بِمثل مَا رد فَلَمَّا مَضَت
1 / 44
سنة اقل أَو اكثر ذَكرنَاهَا فَقَالَ لَو كُنَّا قبلناها كَانَت قد ذهبت
قَالَ وَشهِدت بن الجدري أَخُو الْحسن وَقد جَاءَهُ بعد الْمغرب فَقَالَ أَنا رجل مَشْهُور وَقد أَتَيْتُك فِي هَذَا الْوَقْت وَعِنْدِي شَيْء قد أعددته لَك فَأحب أَن تقبله وَهُوَ مِيرَاث فَلم يزل بِهِ فَلَمَّا اكثر عَلَيْهِ قَامَ وَدخل
قَالَ أَبُو الْفضل فاخترت عَن الْحسن قَالَ قَالَ لي أخي لما رَأَيْته كلما ألححت عَلَيْهِ ازْدَادَ بعدا قلت اخبروه كم هِيَ قَالَ قلت يَا أَبَا عبد الله هِيَ ثَلَاثَة آلَاف دِينَار فَقَامَ وَتَرَكَنِي
قَالَ يَوْمًا أَنا إِذا لم تكن عِنْدِي اخْرُج
فَقَالَ لَهُ أَبُو مُحَمَّد بوران عِنْدِي خف ابْعَثْ بِهِ إِلَيْك - فَسكت فَلَمَّا عَاد إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّد لَا تبْعَث بالخف فقد شغل قلبِي على
وَوجه رجل من الصين بكاغد صيني إِلَى جمَاعَة من الْمُحدثين مِنْهُم يحيى وَغَيره وَوجه بقمطر إِلَى أبي فَردهَا
وَقَالَ أبي كَانَ ابْن يحيى وَيحيى وَمَا أخرجت خُرَاسَان بعد ابْن
1 / 45
الْمُبَارك رجلا يشبه يحيى بن يحيى - فَجَاءَنِي ابْنه فَقَالَ إِن أبي أوصى بمبطنة لَهُ لَك وَقَالَ تذكرني بهَا فَقَالَ أبي فَقلت جِيءَ بهَا فجَاء برزمة ثِيَاب فَقلت لَهُ اذْهَبْ رَحِمك الله وَقلت لأبي بَلغنِي أَن احْمَد بن الدَّوْرَقِي أعْطى ألف دِينَار فَقَالَ أَي بني ورزق رَبك خير وابقى
ذكر يَوْمًا عِنْده رجل فَقَالَ يَا بني الفائز من فَازَ غَدا وَلم يكن لَاحَدَّ عِنْده تبعة
وَذكر لَهُ ابْن أبي شيبَة وَعبد الْأَعْلَى النوسي وَمن قدم بِهِ إِلَى الْعَسْكَر من الْمُحدثين فَقَالَ إِنَّمَا كَانَت أَيَّام قَلَائِل ثمَّ تَلَاحَقُوا وَمَا بخلوا مِنْهُ بِكَثِير شَيْء
وَجئْت يَوْمًا إِلَى الْمنزل فَقيل لي قد وَجه أَبوك أمس فِي طَلَبك فَقلت وجهت فِي طلبي
1 / 46
فَقَالَ جَاءَنِي أمس رجل كنت احب أَن ترَاهُ بَيْنَمَا أَنا قَاعد فِي نحر الظهيرة إِذا بِرَجُل يسلم بِالْبَابِ فَكَانَ قلبِي ارْتَاحَ لَهُ فَقُمْت ففتحت الْبَاب فَإِذا أَنا بِرَجُل عَلَيْهِ فَرْوَة وعَلى أم رَأسه خرقَة مَا تَحت فَرْوَة قَمِيص ولامعة ركوة وَلَا جراب وَلَا عكاز قد لوحته الشَّمْس فَقلت ادخل فَدخل للدهليز
فَقلت من أَيْن أَقبلت _
قَالَ من نَاحيَة الْمشرق أُرِيد بعض هَذِه السواحل وَلَوْلَا مَكَانك مَا دخلت هَذَا الْبَلَد إِلَّا أَنِّي نَوَيْت السَّلَام عَلَيْك قلت على هَذِه الْحَال - قَالَ نعم ثمَّ قَالَ لي مَا الزّهْد فِي الدُّنْيَا قلت قصر الأمل قَالَ فَجعلت اعْجَبْ مِنْهُ فَقلت فِي نَفسِي وَمَا عِنْدِي ذهب وَلَا فضَّة فَدخلت الْبَيْت فَأخذت أَرْبَعَة أرغفة فَخرجت إلية فَقلت مَا عِنْدِي ذهب وَلَا فضَّة وانما هَذَا من قوتي
قَالَ أَو يَسُرك يَا أَبَا عبد الله أَن اقبل ذَلِك قَالَ قلت نعم
قَالَ فَأَخذهَا فوضعها تَحت حضنه وَقَالَ ارجوا أَن يَكْفِينِي زادا إِلَى الرقة استودعك الله
قَالَ فَلم أزل قَائِما انْظُر إِلَيْهِ إِلَى أَن خرج من الزقاق وَكَانَ يذكرهُ كثيرا
وَكنت أسمع أبي كثيرا يَقُول اللَّهُمَّ سلم سلم
حَدثنَا صَالح قَالَ فَحَدثني أبي قَالَ حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد
1 / 47
قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ زعم يحيى بن سعيد أَن سعيد بن الْمسيب كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ سلم سلم _
كَانَ أبي إِذا دَعَا لَهُ رجل يَقُول لَيْسَ يحرز الْمُؤمن إِلَّا حفرته الْأَعْمَال بخواتيمها
وَكَانَ رجل يخْتَلف مَعَ خلف المجزمي إِلَى عَفَّان يُقَال لَهُ احْمَد بن الحكم الْعَطَّار فختن بعض وَلَده فَدَعَا أبي وَأَبُو خثيمَةَ وَجَمَاعَة من أَصْحَاب الحَدِيث وَطلب إِلَى أبي أَن يحضر فَمَضَوْا وَمضى أبي بعدهمْ وَأَنا مَعَه فَلَمَّا دخل اجْلِسْ فِي بَيت وَمَعَهُ جمَاعَة من أَصْحَاب الحَدِيث فَمن كَانَ يخْتَلف مَعَه إِلَى عَفَّان فَكَانَ فيهم رجل يكنى بِأبي بكر يعرف بالأحوال فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله هَا هُنَا آنِية من فضَّة والتفت فَإِذا كرْسِي فَقَامَ وَخرج وَتَبعهُ من كَانَ فِي الْبَيْت وسال من كَانَ فِي الدَّار عَن خُرُوجه فَأخْبر واتبعته مَعَهم جمَاعَة وَاخْبَرْ الرجل فَخرج إِلَى أبي فَحلف انه مَا علم بذلك وَلَا أَمر بِهِ فَجعل يطْلب إِلَيْهِ فَأبى
وَجَاء عَفَّان فَقَالَ لَهُ الرجل يَا أَبَا عُثْمَان أطلب إِلَى أبي عبد الله أَن يرجع فَكَلمهُ عَفَّان فَأبى أَن يرجع فَنزل بِالرجلِ أَمر عَظِيم
1 / 48