Кино и философия: что они предлагают друг другу
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
Жанры
يقول مواري سميث (1995أ: 56):
من وجهة نظر رادفورد (1975؛ 1977)، تكمن المشكلة في «أنه يمكن التأثير في الناس عن طريق معاناة خيالية مع أخذ سلوكهم الهمجي في سياقات أخرى في الاعتبار حيث يكون تصديق حقيقة المعاناة الموصوفة أو المشهودة أمرا ضروريا لحدوث هذه الاستجابة» (رادفورد 1975: 72). وبعدما عرض عدة حلول ممكنة لهذه المفارقة، استنتج أن أيا منها لم يكن مرضيا، وأعلن أن الاستجابات العاطفية للخيال لا تتناقض فحسب مع استجابتنا العاطفية للأحداث الواقعية بل هي عبثية و«عصية على الفهم» و«تخالف الطبيعة البشرية» أيضا (رادفورد 1975: 69-70). إذن يمنح جانب إضافي من حجة رادفورد امتيازا ضمنيا لردود الفعل العاطفية الناتجة عن أحداث الحقيقية على مثيلتها الناتجة عن أحداث خيالية. وكون أننا نستجيب عاطفيا لأحداث حقيقية هو، وفق ما قاله رادفورد، «حقيقة عمياء» من حقائق الوجود البشري، أما قدرتنا على الاستجابة عاطفيا لأحداث خيالية فهو أمر «لا ينسجم» مع هذه «الحقيقة العمياء».
كل ما نحتاجه حقا للتغلب على هذه المفارقة المزعومة هو قدر بسيط من الاستبطان أو التأمل الذاتي. وكما يقول سميث (1995أ: 56): «لا يوضح رادفورد قط لماذا لا ينبغي اعتبار الاستجابات العاطفية للأحداث الخيالية «حقيقة عمياء» هي الأخرى؟ ... لماذا ينبغي علينا قبول الارتباط بأحداث حقيقية كشرط لجميع الاستجابات العاطفية مع أن تجربتنا مع الفن الروائي تملي علينا ما يخالف ذلك؟»
لكن رد سميث مضلل بدوره بما أن الفن الروائي ليس وحده ما يولد استجابة عاطفية في غياب شرط التصديق. والتجارب العاطفية اليومية قد تتمتع بوضع مماثل. على سبيل المثال قد تشعر بالضيق من أحد الأشخاص، أحد والديك مثلا أو صديق، فتتخيل أنك مت، وفي جنازتك ترى جميع من ضايقوك حاضرين، يرتدون الأسود ويشعرون بحزن بالغ، بينما يعددون مناقبك. أنت تعي أنك لم تمت، وأن أحدا لم يبكك، وأن الكلمات التي تتخيل أنها قيلت لم تقل، ورغم ذلك تنهمر الدموع من عينيك. أو تأمل الحالة التي تطلق عليها إيميلي رورتي (1980) «العاطفة الغريبة» أو الشعور غير الملائم، حيث يشعر المرء بشعور معين رغم غياب حالة التصديق المقابلة لهذا الشعور. فلنفترض أنك ظننت أن قطتك قد دهستها سيارة، ثم وجدتها تقفز فجأة نحو ذراعيك، حية وتموء؛ رغم ذلك تستمر في البكاء والشعور بالحزن بينما تداعبها بحكها خلف أذنها. أو عندما تشعر بالغضب حيال رئيسك في العمل رغم إدراكك عدم وجود ما يبرر هذا الشعور، بل في الواقع رئيسك يحسن التعامل معك وأنت مقتنع بهذا، لكن شعورك بالغضب يظل باقيا رغم ذلك. الأمثلة السابقة لا تتعلق بأشخاص يقرءون رواية؛ وحالات التصديق التي غالبا ما تصاحب أو ترتبط بهذه المشاعر المطروحة غائبة، مع ذلك تظل المشاعر موجودة.
إذن ليس من الضروري أن ترتبط العاطفة أو الشعور بأحداث حقيقية، وتلك حقيقة لم نستدل عليها من الأدب الروائي فحسب. فكما يعتقد رورتي (1980)، إذا كانت العواطف الغريبة وتلك التي تبدو غير عقلانية يمكن تعليلها - كما رأينا في المواقف التي تظهر فيها العواطف على نحو مستقل ظاهريا عن حالات التصديق التي تفسرها وربما تسوغها - فإن السبب المباشر (أو المحفز) للعاطفة ينبغي تمييزه عن السبب الجدي لها. قد ينبع «السبب الجدي» للعاطفة من الماضي السحيق، وقد لا يرتبط فحسب بأحداث ماضية مهمة، بل قد يرتبط كذلك بميل الفرد نحو اعتبار أحدث معينة ذات أهمية بارزة؛ ومن ثم التأثر بها على نحو معين.
4
لاحظ أيضا أن هذا يشير إلى انعدام حاجة المرء إلى افتراض وجود أي ارتباط أصيل بين التصور الواقعي للتجسيد السينمائي والتأثير العاطفي للأفلام على المشاهدين. فإدراك الجمهور أن ما يشاهدونه لا يحدث «حقا» لا ينبغي أن يعوق البتة أي استجابة عاطفية لديهم، حتى وإن كان من المفترض أن هذه الاستجابة لن تكون مطابقة لما قد نمر به عاطفيا إذا آمنا بكون تلك الأحداث حقيقية، وحتى إن لم نتصرف مثلما كنا سنفعل عند مواجهة حدث حقيقي (كأن نغادر دار العرض مثلا).
إن حديث رورتي عن العاطفة الغريبة جنبا إلى جنب مع الرؤية التحليلية النفسية التي يرى أصحابها أن العواطف تستمد جذورها من الخيال الطفولي (جاردنير: 1992) يقترحان فرضية أكثر جذرية بمراحل فيما يتعلق بكل من طبيعة العواطف وأيضا طبيعة المشاهدة.
5
وهي فرضية تقلب فرضية رادفورد ومفارقة الخيال المزعومة رأسا على عقب. فهاتان الرؤيتان للعواطف باعتبارها تنبع من أحداث في ماضينا البعيد (في طفولتنا المبكرة حسب الرؤية التحليلية النفسية) وترتبط بها ارتباطا سببيا توحيان بأن المشاعر التي نمر بها عند التعاطي مع الأدب الروائي والسينما لا تأتي في مرتبة تالية للعواطف التي ترتبط بما نؤمن به عن «الواقع» بل تأتي في المرتبة الأولى. بالتأكيد تشبه هاتان الرؤيتان جميع صور العواطف بتلك التي تنتابنا مع الأدب الروائي.
Неизвестная страница