منعت بنجد ما أردت غلبّة ... وبالغور لى عزّ أشمّ طويل «١»
فهذا وإن لم يكن من كلام العامّة فإنهم يعرفون الغرض فيه، ويقفون على أكثر معانيه؛ لحسن ترتيبه، وجودة نسجه. وقول المرار أيضا:
لا تسألى القوم عن مالى وكثرته ... قد يقتر المرء يوما وهو محمود
أمضى على سنّة من والدى سلفت ... وفى أرومته «٢» ما ينبت العود
ومن النثر قول يحيى بن خالد: أعطانا الدهر فأسرف، ثم عطف علينا فعسف.
وقول سعيد بن حميد: وأنا من لا يحاجّك عن نفسه، ولا يغالطك عن جرمه، ولا يلتمس رضاك إلّا من جهته، ولا يستدعى برّك إلّا من طريقته، ولا يستعطفك إلا بالإقرار بالذّنب، ولا يستميلك إلا بالاعتراف بالجرم؛ نبت بى عنك غرّة «٣» الحداثة، وردّتنى إليك الحنكة، وباعدتنى منك الثقة بالأيام، وقادتنى إليك الضرورة. فإن رأيت أن تستقبل الصنيعة بقبول العذر، وتجدّد النّعمة باطّراح الحقد- فإنّ قديم الحرمة، وحديث التوبة يمحقان ما بينهما من الإساءة. فإن أيام القدرة وإن طالت قصيرة، والمتعة بها وإن كثرت قليلة- فعلت.
وفى هذا الكلام وما قبله قوة فى سهولة.
ومما هو أجزل من هذا قول الشعبى للحجاج- وقد أراد قتله لخروجه عليه مع ابن الأشعث: أجدب بنا الجناب «٤»، وأحزن بنا المنزل، واستحلسنا «٥» الحذر،
1 / 66