[المقدمة]
مقدّمة [التحقيق]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. وبعد فهذا كتاب «الصناعتين» نقدمه لقراء العربية بعد أن نفدت طبعاته، وتناولته أيدى الوراقين بالعبث والتصحيف.
ومؤلفه هو أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكرى، ولد فى عسكر مكرم (من كور الأهواز) وإليها نسبته، وانتقل إلى بغداد والبصرة، وخلّف كثيرا من الكتب، منها:
جمهرة الأمثال، والصناعتين، وديوان المعانى، والمصون فى الأدب، والأوائل، وغيرها مما يدل على إطلاع واسع، وذهن ناقد.
ويرى ياقوت أنه توفى سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
أما كتابه الذى نقدم له «الصناعتين: الكتابة والشعر»، فقد استعان فى تأليفه بجل ما كتب سابقوه ممن عالجوا مثل موضوعه.
ونذكر من هؤلاء ابن سلام، وكتابه طبقات الشعراء، والجاحظ، وكتابه البيان والتبيين، وابن قتيبة، وكتابه نقد الشعر، وابن المعتز، وكتابه البديع، وقدامة، وكتابه نقد الشعر، والآمدى، وكتابه الموازنة، والقاضى الجرجانى وكتابه الوساطة بين المتنبى وخصومه.
وقد استطاع أبو هلال أن يعرض لنا زبدة هذه الكتب فى كتابه حتى إنه ليجعلنا نكاد نستغنى عنها جميعا.
وقد اعتمدنا فى تحقيق هذا الكتاب على النسخ الآتية:
١- نسخة طبعت فى الآستانة سنة ١٣٢٠ هـ. بتصحيح السيد محمد أمين الخانكى، وهى التى رمزنا إليها بالحرف (ط) . ٢- نسخة مخطوطة كاملة بدار الكتب المصرية رقم ٦٠٢ بلاغة، بخط محمد فضل الله الطيب، كتبت سنة ١٠٩١ هـ. وهى التى رمزنا إليها بالحرف (ا) .
٣- نسخة مخطوطة من الجزء الأول بدار الكتب المصرية رقم ٢٤٧ أدب تيمور، كتبت فى سنة ١١٦٢ هـ. بخط السيد محمد بن السيد مصطفى الراعى، وتنتهى بالجزء الأول من الباب السابع، وهى التى رمزنا إليها بالحرف (ب) .
هذا إلى كثير من كتب الأدب، والنقد، واللغة، ودواوين الشعر، مما أشرنا إليه فى آخر الكتاب.
وقد وضعنا له الفهارس الآتية:
(١) فهرس الموضوعات؛ وقد فصلنا فيه المسائل تفصيلا واضحا.
(٢) فهرس الأعلام.
(٣) فهرس الشعر؛ وقد رتبناه على حسب القوافى، ووضعنا أمام كل قافية قائلها.
ونرجو أن نكون قد يسرنا الانتفاع بالكتاب إذ أخرجناه فى صورة أقرب إلى الكمال.
على محمد البجاوى محمد أبو الفضل ابراهيم
[مقدمة التأليف]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ولىّ كلّ نعمة، وصلواته على نبيّه الهادى من كلّ ضلالة، وعلى آله المنتجبين «١» الأخيار، وعترته المصطفين الأبرار.
[فضل علم البلاغة]
[قال أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل ﵀ لبعض إخوانه: اعلم- علّمك الله الخير، ودلّك عليه، وقيّضه لك، وجعلك من أهله] «٢» أنّ أحقّ العلوم بالتعلّم، وأولاها بالتحفّظ- بعد المعرفة بالله جلّ ثناؤه- علم البلاغة، ومعرفة الفصاحة، الذى به يعرف إعجاز كتاب الله تعالى، الناطق بالحقّ، الهادى إلى سبيل الرّشد، المدلول به على صدق الرسالة وصحّة النبوة، التى رفعت أعلام الحقّ، وأقامت منار الدّين، وأزالت شبه الكفر ببراهينها، وهتكت حجب الشكّ بيقينها.
وقد علمنا أنّ الإنسان إذا أغفل علم البلاغة، وأخلّ بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه بإعجاز القرآن من جهة ما خصّه الله به من حسن التأليف، وبراعة التركيب، وما شحنه به من الإيجاز البديع، والاختصار اللطيف؛ وضمنّه من الحلاوة، وجلّله من رونق الطّلاوة، مع سهولة كلمه وجزالتها، وعذوبتها وسلاستها، إلى غير ذلك من محاسنه التى عجز الخلق عنها، وتحيّرت عقولهم فيها.
وإنما يعرف إعجازه من جهة عجز العرب عنه، وقصورهم عن بلوغ غايته، فى حسنه وبراعته، وسلاسته ونصاعته «٣»، وكمال معانيه، وصفاء ألفاظه. وقبيح لعمرى بالفقيه المؤتمّ به؛ والقارى المهتدى بهديه، والمتكلّم المشار إليه فى حسن مناظرته، وتمام آلته فى مجادلته، وشدّة شكيمته فى حجاجه «٤»؛ وبالعربىّ الصّليب «٥»
1 / 1